يذخر التاريخ الإسلامي بالعديد من القصص البطولية للنساء، فقد كانت النساء في أوائل الصفوف التي دفعت الكثير من التضحيات بنفسها ومالها وأولادها، ولعل السيدة سمية أم عمار بن ياسر رضي الله عن أسرتها أجمعين، مضرب المثل في ذلك، فهي أول شهيدة في الإسلام، وصبرت وتحملت ولم تشتكِ أبدًا.

وهذه تماضر بنت عمرو الشهيرة باسم (الخنساء)، وقد استشهد أبناؤها الأربعة فحمدت الله، ولم تعترض على قضاء الله وقدره، لكن هل هناك من تعد الأكثر ابتلاءً بين نساء العالمين؟.

لكن الكثير من العلماء اتفقوا على أن الابتلاءات التي تعرضت لها السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب -رضى الله عنها وعن أبيها وعن أمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم-، لا مثيل لها، فقد ابتليت في نفسها وأهلها أجمعين.

ابتلاءات لا حصر لها

فإذا أردنا أن نعدد الابتلاءات التي تعرضت لها السيدة زينب فإننا قد لا نعرف حصرها بالتأكيد، لكن نذكر منها على سبيل المثال، أنها عندما كان عمرها 5 سنوات مات جدها رسول الله صل الله عليه وآله وسلم، ثم عندما كان عمرها 5 سنين و6 شهور ماتت أمها الزهراء عليها السلام يعنى لم تر أمها إلا تلك المدة القصيرة.

وعندما كان عمرها 35 رأت استشهاد أبيها الإمام علي رضي الله عنه، وبعد ذلك رأت استشهاد أخيها الإمام الحسن مقتولا بالسم، وعندما بدأت معركة كربلاء رأت مقتل ولديها ( عون الأكبر ومحمد ) أمام عينيها، كما رأت بعينها كل ما تعرض له أخيها الإمام الحسين رضي الله عنه، بكربلاء، وشاهدت فصل رأسه عن جسده الشريف، وأغشي عليها أكثر من مرة ووقعت على الأرض مرارًا.

كما رأت مقتل ابن أخيها الحسين ( عبد الله ) رضيعًا مقتولا بسهم فى رقبته، وأيضًا رأت أمام عينيها مقتل أخوتها من أبيها وهم من أم غير فاطمة الزهراء، ورأت أيضًا مقتل 73 فردًا من أهل البيت الكرام يقتلون أسوأ قتل.

اقرأ أيضا:

"واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة".. هل سمعت هذا المعنى من قبل؟

معركة كربلاء

كل ذلك، ولم ينته الأمر بعد، إذ أنه بعد انتهاء معركة كربلاء، قيدوها فى يديها بالحبال وأخذوها إلى دمشق لقصر يزيد بن معاوية، ولم يكتفوا بهذا الأمر، بل ساقوا معها بنات أخيها الحسين مقيدين أيضًا بالحبال ( فاطمة النبوية وسكينة وحورية ).

كل هذا وهي راضية بقضاء الله وأمره لا تجزع ولا تيأس من رحمة الله، ولمّ لا وهي التي رأت منامًا مخيفًا وهي في عمر الطفولة، فحدثت بذلك جدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: "يا جداه رأيت البارحة أن ريحًا عاصفة قد انبعثت فاسودت الدنيا وما فيها، وأظلمت السماء وحركتني الرياح من جانب إلى جانب، فرأيت شجرة عظيمة فتمسكت بها لكي أسلم من شدة الريح العاصفة، وإذا بالرياح قد قلعت الشجرة من مكانها وألقتها على الأرض! ثم تمسكت بغصن قوي من أغصان تلك الشجرة فكسرتها الرياح فتعلقت بغصن آخر فكسرته الريح العاصفة، فتمسكت بغصن آخر، وغصن رابع ثم استيقظت من نومي.

وحينما سمع رسول الله صل الله عليه وآله منها هذه الرؤيا بكى وقال: أما الشجرة فجدك وأما الغصنان الكبيران فهما أمك وأباك وأما الغصنان الأخران فأخواك الحسنان تسود الدنيا لفقدهم، وتلبسين لباس المصيبة والحداد في فقدهما.