مرحبًا بك يا عزيزتي..
بارك الله لك في ابنتك، فهي طبيعية وللغاية ولم أجد مشكلة الحقيقة فيما أرسلته، فابنتك تمر بمرحلة المراهقة التي تحتاج منك كأم تقومين بدور الوالدية التفهم والدعم، وفقط.
ابنتك تحتاج إلى من يتفهم ما تمر به ويحترم ذلك، تحتاج |إلى شخص ناضج نفسيًا، يعينها على اكتشاف نفسها، باعتبار أن هذا الأمر من دواعي المراهقة، وتقلباتها الهرمونية، والعقلية، وصعوباتها.
تجاوزي، وتغافلي يا عزيزتي، وساعدي ابنتك على أن تتجاوز هي الأخرى مرحلتها، فلا تخسريها ولا تخسري العلاقة بسبب تصورات لديك لا علاقة لها بالشخصية السوية ولا العلاقة الصحية.
يا عزيزتي ، صدق من قال أن الكمالية أو المثالية هي الجحيم، فلا أحد مثالي، وعليك قبول نفسك بضعفها وقوتها، انجازاتها واخفاقاتها، حتى يمكنك قبول ابنتك كما هي بضعفها وقوتها وانجازاتها واخفاقاتها، صححي علاقتك بذاتك ما استطعت حتى تصح علاقتك بابنتك، وإلا فأنت بصدد صدامات متتالية لن تجني من ورائها شيء سوى الخسارات الفادحة، إذ ستكونين أمًا معيقة لنمو ابنتك المراهقة النفسي، بل وسببًا لتأزمات نفسية من الممكن أن تدخل فيها بسهولة، فضلًا عن خسارتك للعلاقة الصحية معها، بما لذلك من فداحة وعواقب جسيمة على المدى القصير والطويل.
المراهقة يا عزيزتي ليست مرحلة "السمع والطاعة"، بل مرحلة بناء الاستقلالية، والتعبير عن الرأي والمشاعر، فساعدي ابنتك على التنفس إذ أن كتم المشاعر وفنها لا يأتي من وراءه سوى الشرور، وتشوه الشخصية ثم معاناة مدى العمر، ولا أظنك ترضين هذا لابنتك، وبسببك.
وأخيرًا، وازني ما استطعت بدون تسلط، ولا تحكم، ولا تعنت، ولا وعظ، ولا محاضرات، فذلك كله يزيد الطين بلة، وأبناؤنا أبناء الحياة، لابد أن ندرك أنهم مختلفون عنا ونحترم هذا ونقبله.
وأخيرًا لا تشعري ابنتك بأنها أصبحت عاقة وغير مطيعة وفاشلة إلخ، لا تشعريها بالذنب فتعطلي نموها النفسي وتسيئي إليها نفسيًا، يكفيك منها الأدب في التعامل، فأرجو ألا تخسريها بسبب سوء تعاملك معها، فحد الأدب هو مقام البر الذي تحدث عنه رب العالمين، ولا تطالبيها بأكثر من هذا، وصدقيني لو توافر الحب غير المشروط منك لا، فلن تجدي منها سوى ما يسرك، فهذا ما يجب أن تركزي عليه، وكيف تبذليه لتجنيه.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.