عادة ما نشعر بأن الذكريات جميلة والماضي مبهج في كل تفاصيله، لكن يجب عدم الاستغراق فيه طويلاً، حتى لا نفقد حاضرنا، ويضيع مستقبلنا، فعلينا تذكر ماضينا وصناعة حاضرنا ومستقبلنا.
البعض يرى في الماضي هو الأجمل على الإطلاق، ذلك الشعور الذى يطاردهم، أنين الشوق يحرك صوت قلبهم للرجوع إلى ذلك الزمان، عندما يتذكرون بيوتهم القديمة، تلك الرائحة المألوفة، الصور الشخصية القديمة، الحياة البسيطة، وتلك الابتسامة النابعة من القلب والأعماق، الجلسة المميزة مع العائلة.
وتقول الدكتورة وسام عزت، الاستشارية النفسية والاجتماعية:
صرنا نشتاق لكل شيء مضى حتى أنفسنا، نهرب إلى ذلك الزمان بعيدًا عن واقعنا المؤلم ونرتمي فى أحضانه بعيدًا عن المسئوليات والأوجاع، ما يدهشني حقًا أننا ندعي أنها الأيام الأجمل والأروع، على الرغم من أنها قد تكون أسوأ مما نحن عليه، أم لأن الوضع ساء جدًا فأصبحنا لا نفرق بينهما.
أغلب ما يقدم إلينا الآن في السينما ووسائل الإعلام يحمل كمًا هائلاً من الرسائل المباشرة وغير المباشرة بهدف برمجه العقول دون أن نشعر، وهو ما يجعل الأغلبية يميلون لأفلام الأبيض والأسود مطلقين عليها أفلام الزمن الجميل الزمن الواضح النقي.
اقرأ أيضا:
أصبت بالاكتئاب بعد وفاة أمي وتعالجت لكنني انتكست .. ما العمل؟ السينما ووسائل الإعلام بشكل عام أصبحت تطرق إلى الموضوعات التي لا تهم معظمنا ولا تمت للواقع بصلة، تنشر ثقافات غربية تحت مسميات كثيرة منها الحرية، مواكبة عصور التكنولوجيا، الموضة، حتى فقدنا هويتنا العربية تدريجيًا نتعامل مع هويتنا كأنها سلعة تباع وتشترى، نتجرد من كل شئ يميز هويتنا مع مرور الوقت، لذا عندما نرى ذلك الفن الجميل نبتسم ونشعر باشتياق إلى الماضي.
80 في المائة من الناس يشعرون بـ "النوستالجيا" مرة على الأقل أسبوعيًا، والنوستالجيا هو مصطلح يعني باليوناني القديم "الشوق، الألم"، ويستخدم لوصف الحنين إلى الماضي.
ويجمع الخبراء على أن "النوستالجيا" هى آلية دفاع لرفع المزاج وتحسين الحالة النفسية، لذا فإنها تكثر فى حالات الملل أو الشعور بالوحدة، فيقوم العقل باستدعاء ذكريات الماضي الطيبة بدفئها وعواطفها.
النوستالجيا تمدنا بالسعادة ولحظات الراحة، بأشخاص معينين وأماكن دافئة وروائح مألوفة، تحسن من حالتنا النفسية لأن الحنين يجعلنا أكثر أمنًا و دفئًا فهى إذًا حالة نافعة، لكن الخطر الذي يكمن وراء "النوستالجيا" أن نقف عندها، نتعلق بالماضي بصورة كبيرة ونغرق أنفسنا فيه وننسى حاضرنا، ونهدم مستقبلنا.