البكور بركة اليوم .. انظر كيف دعا الإسلام للمحافظة عليه؟
بقلم |
محمد جمال |
الخميس 22 فبراير 2024 - 05:49 ص
تضييع الوقت رذيلة لا يعرفها الإسلام بل دعا الى عكسها بالمحافظة على الوقت والاستيقاظ مبكرا ولهذا كانت البركة في البكور مبدأ إسلامي وسنة نبوية حافظ عليها الإسلام٠
ومن يتأمل يجد كيف اهتم الإسلام بفترة الغدو الذى هو الوقت الباكر في أول النهار ما بين طلوع الفجر إلى ما قبل طلوع الشمس، فهذا يقال له: الغَداة، ويقال له: الغُدو، وهو باكورة اليوم وأوله٠
ومما يدل على اهتمام الاسلام بالبكور دعاء النبي صلى الله عليه وسلم فى فى هذا الوقت، فعن طَارِقِ بْنِ أَشْيَمَ الأَشْجَعِيِّ قَالَ: كُنَّا نَغْدُو إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و يَجِيءُ الرَّجُلُ وَتَجِيءُ الْمَرْأَةُ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ: كَيْفَ أَقُولُ إِذَا صَلَّيْوكانت الغتُ؟ فَيَقُولُ: قُلِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي فَقَدْ جَمَعَتْ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ".
فوقت البكور هو الوقت الذي تنزل فيه البركات من هنا كانت الأعمال العظيمة تقام في هذا الوقت ومن هنا نفهم حرص النبي صلى الله عليه وسلم فى والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين على هذا الوقت، وفي الحديث: "بورك لأمتي في بكورها".
دعاء النبي بالبركة فى البكور:
وقد وردت فى السنة النبوية المطهرة عدة أحاديث تبين حرص النبي على البركة في هذا الوقت ففي حديث صخر بن وداعة الغامدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهمَ باركْ لأمتي في بكورِها" . قال : وكان إذا بعث سريةً أو جيشًا، بعثهم أولَ النهارِ، وكان صخرُ رجلًا تاجرًا . وكان إذا بعث تجارةً بعثهم أولَ النهارِ، فأثرى وكثر مالُه.
لماذا الاهتمام بالبكور؟
وقد خص صلى الله عليه وسلم البكور بالدعاء بالبركة فيه من بين سائر الأوقات ـ والله أعلم ـ لأنه وقت يقصده الناس بابتداء أعمالهم وهو وقت نشاط وقيام من دَعَة فخصه بالدعاء، لينال بركة دعوته جميع أمته، ولهذا؛ فهو وقتٌ ثمين نفيس ينبغي على المسلم أن يحرص على الفوز ببركته باستيقاظه في هذا الوقت لصلاة الفجر وقضاء الوقت إلى الشروق في الأذكار، ولا يُضيِّعه في النوم والكسل أو في غير ذلك. والعادة أن ما يكون من الإنسان في أول اليوم ينسحب على بقية اليوم؛ إِنْ نشاطا فنشاط وإِنْ كسلا فكسل، ولهذا قال بعض السلف: "يومك مثل جملك إن أمسكت أوله تبعك آخره" أي إذا حفظتَ أول اليوم فإنَّ بقية اليوم يُحفظ لك، ولهذا؛ جاء في صحيح مسلم أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أخذ يُسبِّح الله -تبارك وتعالى- حتى طلعت الشمس، فلما طلعت قال: "الحمد لله الذي أقالنا يومنا هذا، ولم يعذبنا بذنوبنا".، قال هذا الكلام: "الحمد لله الذي أقالنا يومنا هذا" مع أنه في أول اليوم ! وهذا فيه شاهد على أنَّ العبد إذا حفظ أول اليوم بالذكر والطاعة سَلِم له يومه، وحُفِظ له يومه كاملا، وهذا معنى قول بعض السلف: "يومك مثل جملك إن أمسكت أوله تبعك آخره". ولهذا؛ يقول بعض العلماء كلامًا لطيفًا في هذا الباب: "أول اليوم شبابه وآخر اليوم شيخوخته ومن شبَّ على شيءٍ شابَ عليه"، فإذا شبَّ الإنسان في أول اليوم على الذِّكر بقي اليوم محفوظًا، وإذا كان في خلاف ذلك؛ في الكسل أو في النوم أو في الفتور.. أو في غير ذلك من الأمور؛ فإنه يشبُّ عليها ويأتي عليه آخِر اليوم وهو كذلك.
وقد كانت العادة عند المسلمين أن يناموا مبكرا ويستيقظوا مبكرا فيصلون الفجر ويذكرون الله تعالى ثم يذهبون إلى أعمالهم وتجاراتهم ففازوا ببركة عجيبة، بخلاف أكثر المتأخرين الذين ينامون متأخرين ويستيقظون متأخرين؛ فيحرمون من بركة هذا الوقت العظيم الذي دعا النبي بالبركة فيه لأمته. والنائِمُ إلى ما بعد صلاةِ الفجر يُصبح خبيثَ النَّفْس كسلان، ومَن استيقظَ ساعتها يُصبح نشيطًا، كما قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "يَعقِد الشيطانُ على قافيةِ رأس أحدِكم إذا هو نامَ ثلاثَ عُقدٍ، يضرب كلَّ عقدةٍ: عليك ليل طويل فارقدْ، فإنِ استيقظَ فذكَر الله انحلَّتْ عُقدة، فإنْ توضَّأ انحلَّتْ عُقدة، فإنْ صلَّى انحلَّت عُقدة فأصبح نشيطًا طيِّبَ النفْس، وإلاَّ أصبحَ خبيثَ النَّفْس كسلان". كما أنَّ مَن قام في البُكور وصلَّى الفجرَ فهو في ذِمَّة الله، وكفَى بها نِعمة؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "مَن صلَّى الصُّبحَ فهو في ذِمَّةِ اللهِ"، أي في أمانه وضمانته، فأيُّ فضلٍ وأيُّ خير أعظمُ مِن هذا الفضل.
ثمرات البكور: ومن ثمرات كما ذكرتها الأمانة العلمية لإسلام ويب أن فوائد الاستيقاظ في هذا الوقت المبارك مثيرة منها الفوز ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "لن يلجَ النارَ أحدٌ صلَّى قبلَ طلوعِ الشمسِ وقبلَ غُروبِها". ومن أعجب الأجور وأحلاها وأعظمها عند المؤمنين، المحرضة على اغتنام هذا الوقت المبارك والحرص على صلاة الفجر والعصر، ذلك الحديث الذي يبشر من حافظ على هاتين الصلاتين في وقتها، بأنه يرى ربه يوم القيامة، وهذه من أعظم البشارات، ولو لم يكن من فضل المحافظة على صلاتي الفجر والعصر في أوقاتهما إلا رؤية الله تعالى لكفى، وقد كان عليه الصلاة والسلام يدعو الله تعالى أن يرزقه النظر إلى وجهه الكريم، وهو أعلى نعيم على أهل الجنة، وأقسى عذاب أهل النار حجابهم عن رؤية الله تعالى، قال جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: "إنكم سترون ربكم، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، فافعلوا". ولا يمكن لمن كانت عادته النوم في وقت البكور أن يتمكن من صلاة الفجر.