لا يمكن إهمال قدر النية وأثرها في تضخيم ثواب الأعمال؛ فأحيانًا يكون العمل بسيطًا لكنه بالنية يصبح كبيرًا، كما أنه يمكن أن يكون العمل الواحد له أكثر من نية.
شروط النية الصالحة:
والنية الطيبة الموافقة لكتاب الله وسنة رسول الله؛ فالنية الطيبة هي مفتاح الرزق، بل مفتاح القلوب، وينبغي على المؤمن أن يحسن نواياه دائما ولا يعمل عملا بلا نية بل إن عليه أن يعدد نواياه فالنية من الأعمال بمنزلة الروح من الجسد؛ لأنها من أعمال القلوب، وأعمال القلوب أنفع وأنجع الأعمال يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّما الأعمالُ بالنِّيات) (متفق عليه)، فهي ملاك الأعمال وجوهرها.
أهمية النية:
ومما يدل على منزلة النية وأثرها في الأعمال ما جاء من حديث أبي كبشة الأنماري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال والعبد يرتقي بنية عمله وكلما كانت نيته حسنة موافقة لما أمر الله كلما كان ذلك خير له فالنية الطيبة قد تُبَلِّغك منازلَ المتصدقين، فإن النيةَ السيئةَ قد تبلغك منازلَ الخاسرين، ففي بقية حديث أبي كبشة المتقدم يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ المَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ).
صدق النية:
بل إن من سأل الله بقلب صادق أعطاه الله ثواب عمله وإن لم يعمله؛ ففي الحديث الصحيح يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من سَأَلَ اللهَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِن مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ).
ولا ينبغي أن يضيع الوقت سدى والعمر بلا طائل فعلى المؤمن دائمًا أن يفكر في آخرته ويعلي من قيمة ما يعمله بإحسان النية فيه حتى يعطى على ذلك الثواب الجزيل؛ يقول سبحانه: {إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ}، ويقول أيضا: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا}.
نماذج للنية الصالحة:
ومن النماذج الطبية لبيان أهمية النية ما كتبه سالمُ بنُ عبد الله إلى عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ-رحمهم الله جميعاً- في بداية خلافته: "فإن نويت الحقَّ وأردته أعانك الله عليه، وأتاحَ لك عُمَّالا، وأتاك بهم من حيث لا تحتسب، فإنَّ عونَ الله على قدر النية؛ فمن تمَّت نيتُه في الخير تمَّ عونُ الله له، ومن قَصُرَت نيتُه قصر من العون بقدر ما قصر منه".