ربما تقنع زميلتك زميلتك في العمل، وربما تقنع نفسك أيضًا، بأن السعي لإقامة صداقة معها هي صداقة بريئة لا تحمل أي أهداف جنسية، وأن ما يجمع العلاقة بينكما مجرد تلاق فكري وكيمياء مشتركة في التفكير، دون التمادي للإعجاب ومحاولة الاقتراب، إلا أنه لا يمكن أن تقنع الشيطان الذي يشارككما التفاصيل، أن يترككما لوجه الله، فقد توعد الشيطان بأن يفسد كل علاقة إنسانية، وأن يقعد للناس صراط الله المستقيم، فهل تأمن على نفسك من الشيطان؟.

وأنت أيتها المرأة ربما تقنعين نفسك أنه مجرد صديق تشعرين معه بالراحة النفسية في الحديث فقط، وتأخذين منه المشورة، وتجدين منه العون والسند، ولكن هل فكرت يومًا في أوجه الخلاف بينه وبين زوجك في البيت؟، هل فكرت يومًا في خفة دمه وكلامه اللطيف في مقابل وجه زوجك العبوس معك بعد رجوعه من يوم شاق في العمل؟، هل فكرت يومًا في حسن هندامه حينما يلبس أفضل ما عنده من الثياب لكي يشد انتباهك؟، في مقابل زوجك الذي ربما ينام دون أن يغسل قدمه من التعب؟ .

مع زيادة الانفتاح، وسهولة التعامل والتواصل بين الجنسين، وبفضل مواقع التواصل الاجتماعي التي تسهل علي الكثير إيجاد من يشبهونهم طبعًا وطباعًا بفضل منشوراتهم وتسجيلات إعجابهم المختلفة، أصبح من السهل إيجاد أصدقاء بسهولة مناسبين لك ولطباعك ولتفكيرك، كما أنه في أماكن الدراسة والعمل قد تتحول الزمالة لصداقة.

فقد يستسهل الإنسان في قضية الصداقة بين الرجل والمرأة، ولكنه إذا كان واقعيًا في تفكيره، سيصل إلى أنه لا يمكن أن يصادق الرجل الرجل إلا إذا كان هناك نوع من الألفة والتشابه، فما بالنا حينما تصادق المرأة الرجل؟!.. فمن الواقعي أن المرأة لن تسمح لنفسها أن تصادق رجلاً مهما كانت الأهداف بريئة، إلا إذا استحسنت مظهره وكلامهع وخفة دمه، وبعدها قد يفتح الشيطان ألف باب أمامها لعقد مقارنة بين صديقها وبين زوجها.

اعتراف جريء 

لا يمكن لرجال وامرأة أن يصبحا صديقين، لأن الجانب الجنسي دائمًا ما يعترض طريق هذه الصداقة، لأنه وببساطة كما اعترف الممثل الأمريكي الشهير ستيف هارفي حينما يخبر الرجل المرأة بأنه يريد أن يكون صديقًا وفيًا لها: "هو يخبرك بهذا، لأنكِ لا ترين العلاقة إلا في هذا الإطار، لكننا نظل أصدقاء على أمل انفتاح الباب أو انشقاق الدرع بالصورة التي تسمح لنا كرجال من تجاوز مساحة الصداقة".

فتسأل المحاورة ستيف هارفي: هل كل الرجال مثلك؟ ليجيبها أن: "99.99% منهم يفكرون هكذا. أقول لكِ مثلاً: حاولي أن تسألي أحد أصدقائك عن استعداده لتحويل صداقتكما إلى علاقة غرامية، ثم استمتعي بعدها بعرض الألعاب النارية الذي ستشاهدين".

لذلك يجب على كل فتاة التأكد من أن الرجل الذي يود ويلح على صداقتها له هدف آخر غير الصداقة، فإما معجب بها ويحاول الارتباط بها والتأكد من احترامها، أو له رغبة أخرى أكثر قبحًا.

اظهار أخبار متعلقة

موقف الإسلام من الصداقة بين الرجل والمرأة

فالصداقة بين الرجال والنساء الأجنبيات لا تباح في الإسلام، لأنها ستؤدي إلى الحرام لا محالة. والمحرم بين الجنسين ليس الزنا فقط وإنما هو أمور كثيرة، كالخلوة والحضن والنظر لما لا تحل رؤيته والخضوع بالقول وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى الفتنة.

 وقد ثبت في الحديث الصحيح أن لجوارح الإنسان حظوظًا من الزنا. فقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه. وفي رواية: ... والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.

والله سبحانه وتعالى حرم اتخاذ الأخدان أي الأصدقاء والصديقات على كل من الرجال والنساء، فقال في خصوص النساء: ( محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ) [النساء:25] وفي خصوص الرجال: ( محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ) [المائدة:5] .

واتخاذ الأخدان محرم سواء كان عبر الهاتف أو الدردشة في الإنترنت أو اللقاء المباشر، وغيرها من وسائل الاتصال المحرمة بين الرجل والمرأة.

فلا توجد في الإسلام علاقة تسمى الصداقة بين الرجل والمرأة، فالمرأة للرجل إما زوجة له، وإما إحدى محارمه، وإما زميلة عمل أو دراسة تفرض الظروف اجتماعهما في مكان واحد، وفي هذه الحالة لا بد من الانضباط بضوابط العلاقة بين الجنسين. ومعنى ذلك أن أقصى ما يسمح به بين الرجل والمرأة هو الكلام بالمعروف في المكان المفتوح أمام الناس جميعا، في غير ريبة ولا شهوة، ومن غير تماس ولا تقارب ولا مصافحة ولا ما فوق ذلك.

لماذا يحرم الإسلام الصداقة بين الجنسين؟

ويقول الشيخ الراحل عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، إن الصداقة بين الجنسين لها مجالات وحدود وآداب فمجالها الصداقة بين الأب وبناته والأخ وأخوته، والرجل وعماته، وخالاته، وهي المعروفة بصلة الرحم والقيام بحق القرابة، وكذلك بين الزوج وزوجته، وفي كل ذلك حب أن ضعفت قوته فهي صداقة ورابطة مشروعة، أما في غير هذه المجالات كصداقة الزميل لزميلته في العمل أو الدراسة، وما إلى ذلك مما يرتكب من أمور لا يوافق عليها دين ولا عرف شريف، والنصوص في ذلك كثيرة في القرآن والسنة لا يتسع المقام لذكرها.

وأكدت دار الإفتاء المصرية، في أحدث فتوى لها أنه لا يوجد في الإسلام ما يسمى بالصداقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه، بل الموجود هو التعامل بين الجنسين في إطار الضوابط العامة.

وأوضحت أن الشريعة الإسلامية سلكت طريقًا وسطًا في تحديد تعامل المرأة مع الرجال الأجانب، فلم تمنعه منعًا باتًّا بحيث تصير معه المرأة بمعزلٍ عن الناس، ولم تفتح لها الباب على مصراعيه في تعاملها معهم؛ بل أباحت الشريعة الإسلامية معاملة المرأة للرجال الأجانب بضوابط تحفظ معها القيم والأخلاق الإسلامية، فمجرد معاملة المرأة للرجال الأجانب لا يمكن أن يكون حرامًا في ذاته، وإنما الحرمة تكون في الهيئة الاجتماعية إذا كانت مخالفة للشرع الشريف.

ومن ثم، أكدت الإفتاء، في فتواها، أنه لا يوجد في الإسلام ما يسمى بالصداقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه، بل الموجود هو التعامل بين الجنسين في إطار الضوابط العامة.