عجيبة هذه الحياة، إذ تجد الإنسان يقترب جدًا من أناس لا يستطيع مهما كانت صلتهم به،حتى وإن كان أباه وأمه، أن يتعرى أمامهم، بمجرد بلوغه، أو بعد زواجه، بينما يبتعد أو قد يسيء لزوجته، وهي الشخص الوحيد التي تعلم كل عوراته، والعكس صحيح.
إذ أنك قد تجد امرأة تبوح بأسرارها الزوجية لأمها، وهو أمر لو تعلمون عظيم، بينما تمتنع عن ذكر ذلك أمام زوجها، على الرغم من أنه الشخص الوحيد المنوط بذلك.
فالله تعالى جعل العلاقة الزوجية الأقوى على الإطلاق، قال تعالى: «وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ»، لكن نفوسنا السيئة جعلتها رمزًا لأشباه بيوت تُرى من بعيد كأنها (أسرة سوية)، لكن فيها الكثير من العيوب التي تحتاج للكثير والكثير من الإصلاحات.
أسرار البيوت
من أهم علامات الأسرة السعيدة، هو الحفاظ على أسرار البيوت!.. إذ أنك لا يمكن أن تجد بيتًا من بيوت المسلمين، يحفظ أهله سرهم، ولا يخرجونها لأحد، ماذا أكلوا أو شربوا أو لبسوا، إلا ورزقهم الله عز وجل تحصينًا من مشاكل الحياة الاعتيادية، وذلك، لأنهم منعوا عن أنفسهم الحسد والحقد وكلام الناس، فمنحهم الله الستر.
وقد أحاط الإسلام العلاقة بين الزوجين بعناية خاصة وصانها صيانة قوية، وحذر من كشف أسرارها أو الاستهانة بالتحدث فيها، واعتبر الزوج أو الزوجة الذي يكشف أسرار علاقته بالطرف الآخر خائناً للأمانة، لما يرتكبه من خطيئة كبيرة يرفضها الدين والشرع والفطرة السليمة .
حرمة العلاقة
العلاقة الزوجية لها حرمتها ومكانتها، فهي علاقة سكن ومودة ورحمة، فالله سبحانه وتعالى يقول: «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ»، وبالتالي فإن كل ما يحدث داخل البيت من سلوكيات وتصرفات ومشاعر وغير ذلك ينبغي أن يكون من الأمور الخاصة بالزوجين فلا ينبغي أن يبادر أحدهما بالحديث عنه للآخرين.
فالزوجة يجب أن تكون حافظة لأسرار زوجها كما قال سبحانه: «فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ»، وفي الحديث الصحيح، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك».
وهذا يدل على أن أمر المحافظة على أسرار الحياة الزوجية لا ينبغي أن يقف عند المحافظة على أسرار الحياة الخاصة بين الزوجين فحسب، بل هناك جوانب أخرى يجب الوقوف عندها، منها ما يتعلق بالخلافات بين الزوجين أو الخلافات بين أحدهما وبين الأبناء، ومنها ما يتعلق بالمأكل والمشرب وأحوال الأسرة المادية .
اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولى