أمرنا الله تعالى بالتقوى في كل أمورنا، وسائر أحوالنا، فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» (19 الحشر)، لكن يتصور البعض أن تقوى الله عز وجل تأتي أكثر من تأدية العبادات، بينما العلاقات مع الناس يربطها حسن الخلق.. إلا أننا نستطيع أن نربط بين هذين الأمرين العظيمين، وهما (تقوى الله وحسن الخلق).
عن معاذ بن جبل رضي الله عنهما، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ»، فقد جمع رسول الله بين تقوى الله وحسن الخلق، لأن تقوى الله تصلح ما بين العبد وربه، وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه.
وصية جامعة
ووصية النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وصية عظيمة جامعة، لحقوق الله وحقوق الخلق، والتقوى وصية الله للأولين والآخرين قال تعالى: «وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ»، وحقيقة التقوى: أن يجعل العبد بينه وبين من يخافه ويحذره وقاية تقيه منه فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين غضب الله وسخطه وقاية من الأقوال والأفعال تقيه من ذلك.
ومن ثم فإن الخُلق الحسن من خصال التقوى ولا تتم التقوى إلا به وإنما أفرده النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بالذكر للحاجة إلى بيانه فإن كثيرًا من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله دون حقوق عباده لذلك يقصر كثير من الصالحين في حقوق الخلق أو يهملونها بالكلية لاشتغالهم بحقوق الله فجمع النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ في وصيته بين حق الله وحق عباده.
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبرخلق الرسول
النبي الأكرم صلى الله عليه ، كأنه يعلمنا كيف نكون على خطاه، نتعلم كيف نتقي الله عز وجل، ثم نتعلم كيف نكون أصحاب خلق طيب مع الناس.
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا ما ترك خيرًا إلا تمثل به وما ترك سوءًا إلا هجره وكان قدوة حسنة في جميع أبواب الخير وخصال الإيمان كما قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وكان حليما بأصحابه وكان متواضعا غاية التواضع، كما كانت أخلاقه تماثل تعاليم القرآن الفاضلة كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، واصفة خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان خلقه القرآن»، فكيف بنا نعرف كل ذلك ولا نتعلم كيف نجمع بين الحسنيين (تقوى الله وحسن الخلق).