أظهرت دراسة حديثة أن "الكيتامين"، يمكنه تحسين الاكتئاب الذي يصعب علاجه بسرعة وكبح الأفكار الانتحارية، بعد أن ظهر في السنوات الأخيرة كعقار عجيب لبعض الأشخاص الذين لا يتحسنون مع مضادات الاكتئاب التقليدية.

بالنسبة لأولئك المرضى، الذين ربما جربوا العديد من الأدوية التقليدية، يمكن لـ "الكيتامين" أن يخفف أعراض الاكتئاب بسرعة - حتى في غضون يوم واحد، حيث يقول الخبراء إن الاستجابة السريعة مهمة بشكل خاص للأشخاص المعرضين لخطر إيذاء النفس.

واستندت المراجعة الجديدة، التي نُشرت مؤخرًا في المجلة البريطانية للطب النفسي إلى جميع الأبحاث المنشورة حول "الكيتامين" كعلاج للاضطرابات النفسية.

ووجدت أنه بالنسبة للاكتئاب المقاوم للعلاج والأفكار الانتحارية، يمكن أن يكون للعقار تأثيرات سريعة و "قوية" - وإن لم تدم طويلاً.

لا يصلح للجميع

قالت كبيرة الباحثين سيليا مورجان، الأستاذة بجامعة إكستر في إنجلترا: "من المهم التأكيد على أن العقار لا يصلح للجميع".

كما أن "الكيتامين" ليس من السهل تناوله، إذ شددت مورجان على أنه يجب أن يتم إعطاؤه تحت إشراف طبي، حتى يتمكن الأطباء من مراقبة الآثار "الانفصالية".

الدواء ليس مخدرًا، ولكنه عادةً ما يؤدي إلى تصورات متغيرة للواقع، مثل الهلوسة، بعد فترة وجيزة من إعطائه. وقالت مورجان إنه يمكن أن يسبب أيضًا ارتفاعًا قصير المدى في ضغط الدم.

وأضافت وفقًا لوكالة "يو بي آي"، إنه قبل أن يحاول أي شخص استخدام عقار الكيتامين لعلاج الاكتئاب، فقد حصلوا على تقييم طبي ونفسي كامل للتأكد من أنه مناسب لهم.

تمت الموافقة على "الكيتامين" لأول مرة في الولايات المتحدة منذ عقود كعقار تخدير. نظرًا لتأثيراته المتغيرة للعقل، فقد تم أيضًا إساءة استخدامه كعقار خاص بالحفلات.

لكن الباحثين منذ فترة طويلة على دراية بإمكانية الدواء، بجرعات منخفضة في ظل ظروف مضبوطة جيدًا، لعلاج الأعراض النفسية. لم يتم اعتماد "الكيتامين" من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج الاكتئاب. لكن يمكن للأطباء وصفه "خارج التسمية" لهذا السبب.

اقرأ أيضا:

الإسكيتامين والكيتامين

وفي عام 2019، وافقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية على أحد مشتقات الكيتامين - يُدعى إسكيتامين، أو سبرافاتو - للاكتئاب الذي لم يستجب لاثنين على الأقل من مضادات الاكتئاب القياسية.

على عكس الكيتامين، الذي يتم إعطاؤه عن طريق الوريد، فإن السكيتامين هو بخاخ للأنف. لكن لا يزال يجب إعطاؤه تحت إشراف طبي، لأن له نفس الآثار الجانبية.

نظرًا لأن الإسكيتامين معتمد من قِبل هيئة الغذاء والدواء للاكتئاب، فقد أصبح الخيار الأكثر عمليًا عن الكيتامين، وفقًا للأطباء النفسيين غير المشاركين في المراجعة.

ليس من الواضح تمامًا كيف يخفف أي من العقارين بهذه السرعة من الاكتئاب. لكن الباحثين يعرفون أن الكيتامين له أهداف دماغية مختلفة عن مضادات الاكتئاب القياسية، وهذا يشمل تعزيز النشاط في مادة كيميائية تسمى الجلوتامات، والتي تساعد خلايا الدماغ على التواصل مع بعضها البعض.

تشير الدراسات أيضًا إلى أن الكيتامين يعزز إعادة نمو المشابك العصبية - الروابط بين خلايا الدماغ التي يمكن أن تستنفد في الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب لفترة طويلة.

قال الدكتور جوشوا بيرمان، الأستاذ المساعد في الطب النفسي في مركز إيرفينج الطبي بجامعة كولومبيا بنيويورك، إنه في السنوات الأولى من البحث، كان التركيز على فهم التأثيرات السريعة للكيتامين. وأضاف: "نحن، بشكل جماعي، لم نر شيئًا مثل ذلك من قبل".

الآن، سؤال البحث المستمر هو ، إلى متى تستمر التأثيرات المضادة للاكتئاب؟، وفقًا للمراجعة، من غير الواضح أيضًا ما إذا كان الكيتامين يساعد في الاضطرابات النفسية الأخرى، مثل اضطراب ما بعد الصدمة واضطراب الوسواس القهري والاعتماد على المخدرات.

قام الباحثون بفحص 89 دراسة منشورة، بعضها اختبر الكيتامين لتلك الحالات على المدى القصير. لكن في حين كانت هناك بعض الآثار "الإيجابية"، قال الباحثون، إنه يجب تفسير النتائج بحذر في هذه المرحلة.