في حين يلجأ بعض الأزواج الذين يواجهون صعوبة في الإنجاب بصورة طبيعية، إلى عمليات الحقن المجهري، أو التلقيح الاصطناعي، يُعرض عليهم في بعض الأحيان إجراء عملية تعرف باسم "كحت الرحم"، باعتباره الأمل الأخير للحمل والإنجاب.

إذ أن ما يصل إلى ثلث عيادات التلقيح الاصطناعي تقدم على ذلك في أستراليا ونيوزيلندا وبريطانيا، وفقًا لمسح جديد. لكن إذا عُرض عليك هذا الخيار، فإن معظم خبراء الخصوبة يقولون إنه يجب عليك التفكير مرتين قبل الإقدام عليه.

قالت الباحثة الرئيسية سارة لينسن، الزميلة باحثة أمراض النساء والتوليد بجامعة ملبورن في أستراليا، إن هذا الإجراء، الذي يطلق عليه رسميًا "خدش بطانة الرحم"، قد فقد مصداقيته إلى حد كبير بنتائج العديد من التجارب السريرية الكبيرة عالية الجودة.

إجراء من أجل التهدئة فقط

قال أكثر من نصف أخصائيي الخصوبة الذين شملهم الاستطلاع إن "كحت الرحم" هو إجراء يتم تقديمه فقط بغرض التهدئة أو منح الأزواج أملًا جديدًا، وفقًا للنتائج التي نُشرت في مجلة "هيومن فيرتلتي".

وأظهرت النتائج أن أقل من واحد من كل 10 ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون أن الإجراء يزيد في الواقع من فرص الزوجين في الحمل أو الولادة الحية.

أضافت لينسن: "قال العديد من الأطباء في استطلاع 2021 أن إحدى فوائد الإجراء نفسية. على سبيل المثال، فهو يقلل من الضغط على النساء اللواتي يرغبن حقًا في استخدامه، أو يوفر الأمل للنساء اللائي يبدأن دورة أطفال الأنابيب الجديدة".

قال الباحثون إن حوالي 10 في المائة من الأزواج غير قادرين على إنجاب طفل بسهولة، ويلجأون إلى طرق التكنولوجيا الإنجابية المساعدة مثل التلقيح الاصطناعي، حيث يتم جمع الحيوانات المنوية والبويضات ويحدث الإخصاب في المختبر، ثم يتم نقل الجنين القابل للحياة مباشرة إلى رحم المرأة.

قالت لينسن وفقًا لوكالة "يو بي آي"، إن "كحت الرحم" هو عبارة عن أخذ خزعة من بطانة الرحم، وهي الطبقة الداخلية للرحم، حيث يتم جمع الأنسجة عن طريق "خدش" بطانة الرحم بأداة معملية.

وأوضحت: "كانت مجموعة من الباحثين في إسرائيل تأخذ خزعات بطانة الرحم هذه من النساء بغرض الاختبار، عندما لاحظوا أن نسبة أعلى مما كان متوقعًا حملت في دورة أطفال الأنابيب". وتابعت: "لقد افترضوا أنه ربما كان إجراء أخذ الخزعة هو الذي تسبب في نوع من الاضطراب أو الخدش في بطانة الرحم وهو أمر مفيد، ويزيد من فرصة الحمل".

وانتشر هذا المفهوم مع المتخصصين في الخصوبة وبدأ الكثيرون في تقديم الإجراء "كإضافة" خلال دورة التلقيح الاصطناعي للزوجين. وأشارت لينسن إلى أن مسحًا تم إجراؤه قبل خمس سنوات وجد أنه تم تقديمه من قبل أربعة من كل خمسة أطباء.

ولفتت إلى أن الدراسات السريرية الحديثة لم تظهر أي فائدة لعملية "كحت الرحم"، وهذا دفع العديد من الأطباء إلى إعادة النظر في الإجراء.

اقرأ أيضا:

كحت الرحم لا يزيد من فرص الحمل

وجد الاستطلاع الجديد الذي شمل 121 متخصصًا في الخصوبة في أستراليا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة أن 34 في المائة لا يزالون يقدمون على "كحت الرحم"، 8 في المائة فقط من الأطباء الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أنه يزيد من فرص الحمل.

قالت حوالي 55 في المائة إن "كحت الرحم" يمكن أن يهدئ من قلق الأزواج الذين فشلت محاولتهم لأكثر من مرة في إجراء التلقيح الاصطناعي، وقال 33 في المائة أن الإجراء يوفر الأمل والتحفيز للنساء لمواصلة العلاج بعد دورات غير ناجحة.

من ناحية أخرى، قال ما يقرب من 90 في المائة إنهم قلقون بشأن الألم والانزعاج المرتبط بالإجراء، بينما عبر 80 في المائة قلقون من التكلفة الإضافية للمرضى.

تبلغ تكلفة الإجراء في المتوسط حوالي 100 دولار في أستراليا و 300 دولار في المملكة المتحدة، وفقًا للأرقام الواردة في الدراسة.

ولا توصي الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد بـ "كحت الرحم"، ولم تتم مراجعة الأمر من قبل الجمعية الأمريكية للطب التناسلي ، كما قال ممثلون من كلا الجمعيتين الطبيتين.

بطانة الرحم تتجدد بعد الدورة الشهرية

قال الدكتور إريك فليسر، الأستاذ الإكلينيكي المساعد لطب التوليد وأمراض النساء وعلوم الإنجاب في كلية إيكان للطب في مستشفى "ماونت سيناي" بنيويورك، إن الأطباء أحيانًا يتجاهلون ممارسات مثل الوخز بالإبر التي لم يثبت أنها تضر بالمريض، حتى لو كان من المشكوك فيه أن هذه الممارسة تحسن الخصوبة.

وأضاف في إشارة إلى "كحت الرحم": "عندما يكون هناك دليل على أن شيئًا ما مؤلمًا وغزويًا غير مفيد، يصبح السؤال أكثر حول ما إذا كان ينبغي ممارسته أم لا".

وأشار إلى أن الإجراء نفسه ليس منطقيًا على وجهه، حيث إن بطانة الرحم تتجدد كل شهر بعد الدورة الشهرية للمرأة، لافتًا إلى "أنها تتساقط كل شهر ثم تستعيد نفسها. كيف يؤدي إتلافها بالخدش في دورة واحدة إلى تحسينها للدورة التالية؟".