هل جربت يومًا أن تتوارى بالاستغفار من أي فشل .. أو جرح ... أو خيبة أمل.. أو محنة .. أو مرض أو أي شيء يقلقك؟.. هل قررت يومًا أن تلجأ إلى ربك ليحميك من أي مصاب أو ألم أو جذع أو فشل.. إذا كنت قد جربت ذلك يومًا، فاعلم أن قلبك لازال ينبض بحب الله والإخلاص له، واليقين في أنه رب الأرباب ورب القلوب، وأن الاستغفار هو رحمة الله لك.
فإن الاستغفار هو طلب المغفرة، وهي ستر الذنوب والتجاوز عنها، ومن ثم فإنه أفضل العبادات وأنفعها للعباد، وقد أمر الله عز وجل به في آيات كثيرة، فقال تعالى: «وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم» (المزمل:20)، وقد أمر عز وجل به نبيه صلى الله عليه وسلم، وفي ضمن ذلك أمر لأمته، فقال عز وجل: «فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً» (النصر:3).
النجاة من الفشل
الإنسان حينما يتعرض للفشل لا يدري ماذا يفعل، لكن المؤمن الواثق في الله عز وجل يعلم أن الطريق الوحيد للخلاص من هذا الفشل هو الاستغفار، إذ أنه لما عصى آدم ربه عز وجل وأكل من الشجرة قال: «رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (الأعراف:23)، كأنه علم يقينًا أن النجاة في الاستغفار لاشك.
فيما استغفر نبي الله نوح عليه السلام ربه عز وجل فقال: «وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (هود: 47)، واستغفر ذو النون في بطن الحوت فقال: «لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ» (الأنبياء: 87)، لأنه أيقين أن المصيبة لا يمكن رفعها إلا بالاستغفار، وهذا اعتراف بالذنب من جهة، ومتضمن لطلب المغفرة من جهة أخرى، وفي الحالتين لا يمكن أن يرد الله عبده المستغفر أبدًا.
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةطريق الله
لا يمكن لعبد عاقل يعلم جيدًا كيفية تقوى الله، ولا يستغفر، فكأن في الاستغفار التواري من الفشل والنجاة من أي محنة مهما كانت، وهكذا ترى أن أفضل البشر والصالحين، بل الأنبياء ذاتهم، يستغفرون الله ويأمرون قومهم بالاستغفار، ويذكرون الآثار المترتبة على الاستغفار، كل ذلك لعظم منزلته في الدين.
إذ يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «يا أيها الناس توبوا إلى ربكم، فوالذي نفسي بيده إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة»، وكان يقول أيضًا: «اللهم اغفر لي خطئي وعمدي»، وما ذلك إلا لأن الاستغفار السبب الرئيسي لانشراح الصدر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إنه ليغان على قلبي حتى أستغفر الله مائة مرة».