السنة النبوية المهجورة تعرف بأنها الأفعال والأقوال التي قالها النبي صلي الله عليه السلام أو فعلها والتي غفل عن فضلها المسلمون فانتشر تركها بينهم، والسنن المهجورة ليست على منزلة واحدة فهي متفاوتة فبعضها لازم النبي فعلها أو قولها وبعضها لم يلازمه ومما لازمه صلى الله عليه وسلم الصلاة الراتبة وصلاة الوتر وترك سنة من السنن أمر غير ثابت، مختلف بحسب الزمان، والمكان، وحال الشخص ومنزلته من العلم والدين، وبيئته. .
رسول الله صلي الله عليه وسلم علي حث عموم المسلمين علي ضرورة إحياء السنن المهجورة :"قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ يقول الله تعالى في مُحكَم تنزيله:تَوَلَّو ْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ النور الأية "54" ومن ثم ، فطاعة النبي تشمل إحياء سنَّته وهو سبَبُ الهدايةِ كما أشارت الآية الكريمة مما يزيد الإيمان هو فعل الأعمال الصالحة فالإيمان يزيد وينقص والأعمال الصالحة تشمل إحياء السنة فبفعلها وتعليمها ونشرها يزيد الإيمان
ويتناسب الحث علي إحياء السنة النبوية المهجورة مع عظم ثوابها وفي ظل استمرار أجر القائم بها أو المعلم لها بعد مماته وفي الحديث قوله صلي اله عليه وسلم لم ينقطِعُ عمل المرءِ بعده إلَّا مِن ثلاثٍ: علمٍ علَّمه فعُمِل به بعده، وصدقةٍ مَوقوفة يَجري عليه أجرُها، وولدٍ صالح يَدعو له» وقوله كذلك صلي الله عليه وسلم :"مَن دلَّ على خيرٍ، فله مثلُ أجرِ فاعله
فقهاء السلف الصالح اجتهدوا في وضع تعريفات عديدة للسنة النبوية منها : أنها العادة وهي الطريق التي تتكرر لنوع الناس مما يعدونه عبادة أو لا يعدونه عبادة. قال تعالى: «قد خلت سنن من قبلكم فسيروا في الأرض» وقال النبي «لتتبعن سنن من كان قبلكم» والاتباع هو الاقتفاء والاستنان. -
ووفقا لإجماع الأمة تعد السنة النبويّة الشريفة ثاني مصدرٍ من مَصادر التّشريع في الإسلام؛ فهي "كُلّ ما وَرد عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ، أو سيرةٍ، أو صفة خَلقية أو خُلقية"، وقد نُقلت السيرة جيلاً بعد جيل بطرقٍ صَحيحة واضحة، حيث تُعتبر سيرته وسنّته -عليه الصّلاة والسّلام- من أوضح السير بين الأنبياء والرّسل عليهم السّلام؛
ومن الثابت أن الوظيفة الأهم السنة النبوية تتمثل في قيامها بنقل كل ما يتعلق برسول الله صلي عليه وسلم منها الإخبار عن مولده، ونشأته، وصفاته الخَلقية والخُلُقية، وتفاصيل علاقته بأصحابه، وعلاقته اليوميّة مع زوجاته، ومَواقفه مع الآخرين، والحوادث التي حصلت أثناء فترة نبوّته بتفاصيلها، والمَعارك التي خاضها وشارك فيها قبل الإسلام وبعد البعثة، وجميع ما جاء به عن الله من أحكام وأمور شرعيّة، وتطبيقاتها العمليّة في هيئاته وأفعاله وأقواله.
ومن المعلوم أن السنة النبوية شملت كل أشكال الهدي النبوي في العادات والمعاملات الدينية والدنيوية بل تضمنت سلوكيات حياتية للنبي في كل حركته وساكناته وقد حثنا الله تعالي علي اتباع سنة النبي صلي الله عليه وسلم كما جاء في قوله تعالي "ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " الحشر الأية 7بل أن الله القرآن والكريم والسنة النبوية وعدا من يتأسي بسنة النبي بالنجاح والفلاح والحصول علي الجائزة الكبري .
ولا ينبغي في هذا السياق تجاهل أن المحافظة علي أداء سنة النبي صلي الله عليه وسلم أناء الليل وأطراف النهار فريضة إسلامية غائبة وأمرا يجب علي المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الالتزام به في الحركة والسكنة والقول والفعل .. فإتباع سنة النبي يجب أن يشكل أولوية في حياة المسلم من أجل أن تنتظم حياته ويفوز برضا الله وإتباع أوامر حبيبه صلَّى الله عليه وسلَّم.
العديد من أعلام التابعين وتابعي التابعين السلف الصالح حثوا علي أداء جميع سنن النبي ومنهم ذو النُّون المصري رحمه الله الذي حض تلاميذه ومحبيه علي إتباع الهدي النبوي في الحركة والسكنة قائلا : "من علامة المحبَّة لله – عزَّ وجلَّ - متابعة حبيبه صلَّى الله عليه وسلَّم في أخلاقه، وأفعاله، وأوامره، وسنَّته".مصداقا لقوله تعالي : "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"آل عمران:
علماء الحديث والمتخصصون في السنة النبوية اجتهدوا في الوصول لتعريف محدد للسنة النبوية المهجورة حيث أجمعوا علي إنها الأفعال والأقوال التي قالها النبي وفعلها وغفل عن فضلها المسلمون فانتشر تركها بينهم.
ارتفاع مقام سنة النبي صلي الله عليه وسلم وعلو هامتها لا يخفي أن هناك العديد بل المئات من السنن النبوية المهجورة قد تم نسيانها أو تجاهل الالتزام بها رغم ما يحقق العمل بها من فوائد دينية ودنيوية.
ومن السنن النبوية التي حرص عليها النبي صلي الله وسلم واتبعه فيها كبار الصحابة والتابعي وتابعي التابعين رضوان الله عليهم جميعاوهجرها المسلمون اتيان الصلوات الخمس بوقار والمشي بهدوء وسكينة دون سعي
بحسب ما روي عن سيدنا أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تَسْعَون، وأتوها تمشون عليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا))؛ متفق عليه وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺑﻴﺘﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻠﺘﻜﻦ ﻫﻴﺌﺘﻚ ﻫﻴﺌﺔ الإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺼﻠﻲ، ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﻮﻗﺎﺭ ﻭﺍﻟﺴﻜﻴﻨﺔ،
ومن النصائح التي ساقها النبي في هذا السياق عدم الجري ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺇﺫﺍ ﺳﻤﻌﺖ الإﻗﺎﻣﺔ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻣﺶ ﺇﻟﻴﻬﺎ؛
لأﻧﻚ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ، ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻳﻨﺎﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺠﺮﻱ وﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﺎﻟﺴﻜﻴﻨﺔ" ﺃﻱ: ﺍﻟﻮﻗﺎﺭ ﻭﺍﻟﻬﺪﻭﺀ ﻭﺍﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ." ﻓﻤﺎ ﺃﺩﺭﻛﺘﻢ ﻓﺼﻠﻮﺍ"؛ ﺃﻱ: ﻣﺎ ﺗﺪﺭﻛﻮﻧﻪ ﻣﻊ الإﻣﺎﻡ ﺻﻠﻮﻩ"ﻭﻣﺎ ﻓﺎﺗﻜﻢ ﻓﺄﺗﻤﻮﺍ"؛ ﺃﻱ: ﻭﻣﺎ ﻓﺎﺗﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﺎﻓﻌﻠﻮﻫﺎ، ﻭﻟﻜﻢ ﺃﺟﺮ ﻧﻴﺘﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻲﺀ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻠﻪ.
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبروبحسب الفقهاء وأهل العلم فإن الإسراع والركض أمر مكروه لا ينبغي والسنة أنه يأتيها ماشيا خاشعا غير عاجل ، متأنيا يمشي مشي العادة ، بخشوع وطمأنينة حتى يصل إلى الصف ، هذا هو السنة "ومن ثم فالأصل فيمن أتى إلى المسجد ، أن يأتي بخشوع وسكينة ، ولا يسرع في مشيه ، إلا إذا خاف أن تفوته الجماعة ، فيجوز أن يسرع شيئا يسيرا ، يدرك به الجماعة ، مع عدم الإخلال بما يليق بمثله من هيئة ووقار
وكذلك روي عن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالفي فضل الذهاب الي المسجد لأداء الصلاة في سكينة ووقار : «مَنْ غَدَا إلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ، أعَدَّ اللهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ، كُلَّمَا غَدَا أوْ رَاحَ». متفق عليه.