لا ينبغي أن يكون الخوف من الرياء سببا في ترك العمل فقد كانوا الصالحون يجتهدون في أعمال البر وهم ويخشون أن ترد عليهم وتحبط وهم لا يشعرون، والآثار عنهم في هذا الباب كثيرة، وفي البخاري عن ابن أبي مليكة قال: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخشى على نفسه النفاق، وما منهم أحد يزعم أن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل.
الخوف من الرياء:
ومعلوم أن حال الصحابة والتابعين أولى أن نتبعه؛فقد ذكرت الأمانة العلمية لإسلام ويب ما ذكرته عائشة رضي الله تعالى عنها انها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) قالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال: لا يا بنت الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو يخاف أن لا يتقبل منه. أخرجه الترمذي وابن ماجه.. لكن ومع هذا لا يمتنعون عن فعل الخير فهذا هو حال السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
فالخوف من الرياء علامة صحية ودلالة على الإخلاص لكن ينبغي أن يكون هذا الخوف من الرياء ورد العمل وحبوطه خوفا صحياً إيجابياً لا مرضياً سلبياً، وذلك بأن يقود إلى المزيد من العمل والاجتهاد في فعل الخير مع مراقبة القلب وتعاهده، وإخراج بذور الشر منه.
حسن الظن بالله:
والمسلم العاقل هو الذي يتفطن لحيل الشيطان ودسائسه التي يكيد بها العبد؛ فالخوف الذي يحطم ويهدم ويقعد عن الطاعة ويحمل على اليأس والقنوط هو المذموم المرذول، أما خوف العبد من حبوط عمله لا يكون نافعاً إلا إذا كان ممزوجاً بحسن الظن بالله مصحوباً بالرجاء... في فضله وسعة رحمته من غير إفراط يصل به إلى الحد الممنوع شرعاً.
كيف تحافظ على إخلاصك؟
وزبدة القول ما لخصه العلامة ابن القيم في مدارج السالكين في عبارة رائقة قال فيها رحمه الله: القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر فالمحبة رأسه والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطير جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضه لكل صائد كاسر.