لا يتوقف الحديث عن القهوة، فيما يتعلق بالفوائد والأضرار المحتملة لتناولها، وكان آخرها دراسة أظهر أن شرب القهوة له تأثير إيجابي على الناس من حيث أنه يزيد من نشاطهم البدني، لكنه في الوقت ذاته يحرمهم أيضًا من النوم بشكل كبير.

وعلى الرغم من أن القهوة لا يبدو أنها تسبب إيقاعات غير منتظمة في الحجرة العلوية للقلب، إلا أنها قد تتسبب في زيادة عدد ضربات القلب في الغرف السفلية (البطينين)، وفقًا للنتائج التي تم تقديمها في الاجتماع السنوي لجمعية القلب الأمريكية على الإنترنت.

خلال الدراسة، قام الباحثون بتجنيد 100 من شاربي القهوة وتزويدهم بالعديد من الأجهزة لتسجيل صحتهم باستمرار - جهاز فيتبيت وجهاز مراقبة القلب وجهاز تتبع نسبة الجلوكوز في الدم.

على مدار أسبوعين، اختار الباحثون المشاركين بشكل عشوائي إما لشرب كمية القهوة التي يرغبون فيها أو التخلي عنها. وقاموا بتتبع التغييرات داخل كل شخص التي حدثت عندما تناولوا للقهوة أو لم يتناولوها.

لم تجد الدراسة أي دليل على أن استهلاك القهوة تسبب في عدم انتظام ضربات القلب داخل الأذينين، الحجرتين العلويتين للقلب، على عكس المخاوف بشأن ما إذا كان تناول القهوة قد يعزز الرجفان الأذيني، وهي حالة محتملة الخطورة.

لكنهم وجدوا أن تناول القهوة يمكن أن يتسبب في زيادة عدد ضربات القلب في الغرف السفلية (البطينين).

قال المؤلف الرئيسي الدكتور جريجوري ماركوس، الرئيس المشارك لأمراض القلب للأبحاث في جامعة كاليفورنيا: "في الأيام المخصصة لتناول القهوة بشكل عشوائي، أظهر الناس حوالي 50 في المائة من الانقباضات البطينية المبكرة (PVCs) - المزيد من النبضات المبكرة الناتجة عن الغرف السفلية للقلب".

عدد ضربات الانقباضات البطينية المبكرة

في حين أشار إلى أن الذين تناولوا أكثر من مشروب من القهوة تضاعف لديهم عدد ضربات الانقباضات البطينية المبكرة، والتي قال إنها شائعة وعادة ما تعتبر غير ضارة.

وقال ماركوس: "لدينا جميعًا من حين لآخر، وبشكل عام تعتبر حميدة. لكننا أظهرنا وآخرون أن المزيد من الـ PVCs هي عامل خطر مستقل لفشل القلب بمرور الوقت. ليس كل من لديه المزيد من PVCs يعاني من قصور في القلب، لكنه عامل".

كان للقهوة أيضًا تأثيرات كبيرة على عاملين رئيسيين آخرين في الصحة والنشاط البدني.

قال ماركوس إنه في الأيام التي تم فيها تعيينهم عشوائيًا لشرب القهوة، قطع المشاركون في المتوسط حوالي 1000 خطوة أكثر مما يفعلون في المعتاد. وأضاف: "مقابل كل فنجان إضافي من مشروب القهوة، كان هناك 500 خطوة إضافية".

من ناحية أخرى، تؤدي القهوة إلى الحرمان من النوم. قال ماركوس: "في الأيام المخصصة لتناول القهوة بشكل عشوائي، كان الناس ينامون بمعدل نصف ساعة أقل من ذلك المساء. مقابل كل فنجان إضافي من القهوة، كان هناك حوالي 18 دقيقة أقل".

لكن الأشخاص الذين يميلون وراثيًا إلى استقلاب القهوة بسرعة أكبر لم يظهروا أي علاقة مهمة بين تناولهم للقهوة والحرمان منها، وفق ما ذكرت وكالة "يو بي آي".

وقال ماركوس: "يجب أن يفهم الناس أن هذا المشروب الشائع جدًا له بالفعل تأثيرات جوهرية على صحتنا، وهي متغيرة". وأضاف: "ليس الأمر أن القهوة كلها بالضرورة جيدة أو سيئة بالكامل. من المحتمل جدًا أن يعتمد ما إذا كانت جيدة أو سيئة على مجموعة من العوامل".

اقرأ أيضا:

انتبه: شرب هذا العدد من أكواب القهوة يزيد مستويات الكوليسترول

هل يمكنني شرب القهوة؟

ولطالما اعتبر الأطباء الكافيين خطرًا محتملاً على صحة القلب، لأنه منشط يزيد من معدل ضربات القلب. لكن الدراسات السابقة حول هذا الموضوع أسفرت عن نتائج "في كل مكان"، وفقًا للدكتورة سناء الخطيب، خبيرة نظم القلب في جامعة ديوك.

قالت الخطيب، اختصاصي الفسيولوجيا الكهربية: "السؤال الشائع جدًا الذي نتلقاه كل أسبوع تقريبًا من المرضى هو: هل يمكنني شرب القهوة؟ خاصة المرضى الذين يعانون من الرجفان الأذيني"، وهو اضطراب في ضربات القلب يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية.

وأشارت الخطيب، التي لم تشارك في الدراسة إلى أنه "لم يكن من السهل علينا كأطباء تقديم المشورة للمرضى".

ولفتت إلى أن الدراسة تمت بشكل جيد، إلا أنها ترى أن هناك حاجة إلى متابعة البحث التي تشمل المزيد من المرضى على مدى فترة أطول لمعرفة ما إذا كانت التأثيرات الفورية للقهوة تؤدي في النهاية إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وغيرها من المشاكل الصحية.

كان المشاركون في الدراسة صغارًا وأصحاء نسبيًا، بمتوسط عمر يبلغ 38 عامًا ومتوسط مؤشر كتلة الجسم من الأصحاء - "ليس نموذجيًا للمرضى الذين نراهم في الممارسة السريرية"، والذين هم أكبر سنًا ولديهم واحد أو أكثر من المشاكل الصحية، وفق الخطيب.

تأثيرات القهوة على الصحة

قال ماركوس: إذا كنت قلقًا بشأن تأثيرات القهوة على صحتك، فمن المحتمل أن تتحدث مع طبيبك. اعتمادًا على مشاكلك الصحية الشخصية، قد يكون من المنطقي لك شرب القهوة أو الامتناع عن تناولها".

وأضاف: "بالنسبة لأولئك الذين يهتمون بالرجفان الأذيني، تشير هذه النتائج إلى أنه لا يوجد سبب للقلق بشأن استهلاك القهوة. من ناحية أخرى، إذا كانت هناك مخاوف بشأن PVC، فقد يكون من المنطقي تجنب أو تقليل استهلاك القهوة".

وتابع: "إذا كان هناك هدف لزيادة النشاط البدني أو الحفاظ عليه، فقد تكون القهوة مفيدة، ولكن بالنسبة لأولئك الذين يجدون صعوبة، فإن الاضطراب الذي تسببه القهوة قد يجعل الأمر أقل قيمة".

على الرغم من تحفظاتها، إلا أن الخطيب تخطط لاستخدام نتائج الدراسة عند تقديم المشورة للمرضى، قائلة: "لن أفكر في هذه النتائج على أنها، حسنًا ، رائعة، فماذا في ذلك، دعنا ننتظر الدراسة التالية. سأدرج هذه النتائج في مناقشاتي مع المرضى، بالطبع، بعد أن قرأت الورقة كاملة وافتراض عدم وجود مفاجآت".