متى ظهر في عالمنا الطيب كل هذا الكم من المسلمين أصحاب القلوب القاسية؟، على الرغم من أننا نتبع نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم أرحم من خلق، وكان بالناس رؤوفًا رحيمًا، كما وصفه الله عز وجل: «لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ»، فكيف يكون هذا نبينا صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق، ونحن أصحاب قلوب قاسية؟!
ابن القيم رحمه قال في حقه: «كان هين المؤنة، لين الخلق، كريم الطبع، جميل المعاشرة، طلق الوجه بسامًا، متواضعًا من غير ذلة، جوادًا من غير سرف، رقيق القلب، رحيمًا بكل مسلم، خافض الجناح للمؤمنين، لين الجانب لهم».
محرمون من الجنة
أصحاب القلوب القاسية توعدهم الله بالنار، بينما أهل القلوب الرحيمة، فهم لاشك أهل الجنة.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بمن يحرم على النَّار، وبمن تحرم النار عليه؟ على كل هيِّن ليِّن قريب سهل »، فحتى لو كان هناك أحدهم من أهلك يقاطعك، فإن الإسلام يحث على التواصل معهم وعدم قطعهم، وحينها تحسب أنت من أهل الإسلام، بينما هم سيكونون في مشكلة كبيرة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا قال: يا رسول الله! إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: «لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك»، فأيده النبي صلى الله عليه وسلم على تودده إليهم، وإن لم يجد منهم مقابلًا لما يقوم به، إلا الإساءة إليه.
الرفق الطيب
الرحمة بالأساس من الله عز وجل، وقد قال الله تعالى عن رحمة نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» (آل عمران: 159).
وهو ما أكده النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في قوله: «الإيمان ها هنا - وأشار بيدِه إلى اليمين - والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل، مِن حيث يَطلع قرنا الشيطان؛ ربيعة ومُضَر».
ومن حسن إسلام المرء: تأدبه، وتخلقه بالرفق، والعطف، فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن مألفة، ولا خير فيمَن لا يألف، ولا يُؤلف».
اقرأ أيضا:
عبادة جليلة وسنة مهجورة قلّ من ينتبه إليها.. تعرف عليها