في دراسة علمية نشرت في تسعينيات القرن الماضي، أظهرت أن المصابين بجنون العظمة، هم الأقل فهمًا وذكاءً بين أقرانهم، فإياك مهما وصلت وبلغت من النجاح أن تنسى التواضع، وتتصور نفسك فوق الجميع، لأنه من المؤكد أن عقلك غير سوي بالمرة.
يروى أن لصًا أمريكيًا سرق أحد البنوك في وضح النهار، وحينما سألوه عن السبب، قال إنه كان متخفيًا بأن مزج وجهه بعصير الليمون.. الغريب في الأمر أن هذا اللص كان مريض بداء جنون العظمة، إلا أنه مع ذلك وقع في فخ لا ينم إلا عن جهل متأصل بداخله.. وهنا يؤكد علماء النفس أن المتواضع هو شخص يثق في نفسه جدًا، بينما المتكبر شخص جهول إلى أقصى درجات الجهل.
والإسلام ضرب لنا أمثلة لمثل هذه النوعية، وهو عمرو بن هشام، الذي أطلق عليه النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، "أبي جهل"، وذلك لأنه كان شديد التكبر، وفي ذات الوقت شديد الجهل.
صفة إبليس
إذا توقفنا قليلاً أمام صفة الكبر سنجدها بالأساس صفة إبليس اللعين، وهو على الرغم من كل ما يقال عنه، إلا أنه جهول، لأنه رفض الانصياع لأمر الخالق سبحانه، فكان من الممقوتين، وطرد من رحمة الرحمن.
قال تعالى: « إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ » (ص: 71 - 74).
ومنذ ذلك الحين، وبات الكبر السبيل الرئيسي إلى النار الطرد من رحمة الله والعياذ بالله. قال تعالى: « قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ » (ص: 75 - 78)، وبالتالي من أراد السير خلف هذا الجهول (إبليس) فليتبع طريقه حتى يدركه الهلاك.
الله يمقت المتكبر
المتكبر يمقته الله، ولك أن تتخيل إنسانًا يعيش في الدنيا التي خلق الله، وهو بذاته خلقه الله، وتراه يغضب عليه خالقه، فكيف ستكون حياته، في الدنيا والآخرة.. مؤكد منتهى الضنك، قال تعالى: «إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ » (النحل: 23).
وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن رب العزة: «قال الله تعالى: الكبرياء ردائي، والعزة إزاري، فما نازعني في واحد منهما عذبته».
إذن عزيزي المسلم المؤمن بالله إياك والكبر، لأن حبة واحدة منه تبعدك عن الجنة تمامًا، فاحذر، حيث قال عليه الصلاة والسلام: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر».