حذر باحثون من أن الغبار اللامع الذي يتم استخدامه في تزيين "التورتة"، وإضافة بريق أو لون للحلويات قد يحتوي على معادن ثقيلة سامة قد تؤدي إلى أضرار صحية تصل إلى حد الموت.

جاء ذلك بعد أن رصدوا حالات تسمم بالمعادن الثقيلة سجلتها ولايتا رود آيلاند وميسوري بالولايات المتحدة، مرتبطة بتناول كعكات تجارية ومصنوعة منزليًا، تم تزيينها بالغبار اللامع خلال الفترة بين عامي 2018 و 2019.

وجد الباحثون أن بريق الغبار غير القابل للأكل المستخدم في تزيين هذه الكعكات يحتوي على مستويات عالية من النحاس والرصاص والمعادن الأخرى.

أوضح الباحث الرئيسي أدريان إيتينجر، رئيس فريق البحث في مجال العلوم الطبية الحيوية والصحية بجامعة روتجرز الأمريكية: "هناك إصدارات مخصصة للطعام، وإصدارات صالحة للأكل، ونسخ غير صالحة للأكل، ولسوء الحظ، تم الخلط بين الاثنين وإساءة استخدامهما، ولم تكن الملصقات صريحة دائمًا".

وفسر إيتنجر الأمر بأن بعض الناس يرون عبارة "غير سام" على الملصق، وهو ما يجعلهم يفترضون أنه آمن للأكل، لكن المواد غير السامة لا تعني أنها صالحة للأكل.

وأضاف أنه "عندما تشتري كعكة أو تصنع واحدة، فإن من يتناولونها يفترضون بحق أنها آمنة للأكل، وأن الخبازين، سواء أكانوا محترفين أم لا، يمكن تضليلهم من خلال الملصقات الموجودة على هذه المنتجات".

وتابع إيتينجر: "هناك دلالات متضمنة هنا مع هذه الكلمات، لكن الاختلافات دقيقة. لذلك عندما يرى شخص ما مادة غير سامة، أعتقد أنه يفترض أنه يعني أنها آمنة".

ورجح إيتنجر أن العديد من الأطفال أصيبوا بسبب تناولهم الكعك الذي يحتوي على هذه المواد الصناعية الضارة، لكن لم يتم تشخيص حالاتهم أو الإبلاغ عنها. وقال إن إساءة قراءة هذه الملصقات وإساءة فهمها من الأخطاء السهلة.

وقالت وكالة "يو بي آي"، إن التحذير بهذا الصدد نشر في التقرير الأسبوعي للمرضى والوفيات، وهو منشور تصدره المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة.

اظهار أخبار متعلقة

المنتج غير سام

قال الدكتور روبرت جلاتر، طبيب الطوارئ في مستشفى لينوكس هيل بنيويورك: "خلاصة القول هي أن الملصقات التي تشير إلى أن المنتج غير سام لا تعني بالضرورة أن المنتج آمن للاستهلاك".

وأضاف جلاتر، الذي لم يكن له دور في التقرير: "من وجهة نظر الصحة العامة، فإن وضع العلامات الواضحة والموجزة التي تشير إلى أن المنتجات غير الصالحة للأكل ليست آمنة للاستهلاك البشري أمر ضروري لمنع المرض والتسمم غير المقصود من المعادن".

واعتبر أنه من الضروري تثقيف الجمهور والخبازين التجاريين ومقدمي الرعاية الصحية حول الأخطار المحتملة للمعادن المستخدمة في إعداد الطعام.

ويشهد استخدام الغبار اللامع في المخبوزات محلية الصنع والمجهزة تجاريًا في الولايات المتحدة اتجاهًا متزايدًا. لكن جلاتر قال إنه لكن كل ما يلمع ليس آمنًا للأكل.

وأشار إلى أن "لجنة استشارية حديثة من (إدارة الغذاء والدواء الأمريكية) وجدت أنه لا ينبغي استهلاك منتجات الغبار اللامع إلا إذا تم تصنيفها على أنها صالحة للأكل وعرض قائمة بجميع المكونات".

وبحسب التقرير، فإن بعض الغبار اللامع المستخدم في تزيين الكعك ليس صالحًا للأكل ويمكن وصفه بأنه "غير سام" أو "لأغراض التزيين فقط"، ولكن من المفترض إزالته قبل تناول الكعكة.

وأبلغت ولايتا رود آيلاند وميسوري عن حالات إصابة لأطفال تتراوح أعمارهم بين 1 و11 عامًا بعد تناول كعكات أعياد الميلاد. وشخصت الحالات الست المصابة في رود آيلاند في عام 2018 بتناول النحاس، فيما سجلت حالة واحدة في عام 2019 بولاية ميسوري، وشخصت بارتفاع مستوى الرصاص في الدم لدى الطفل.

في رود آيلاند، وجد أن الغبار اللامع الذي تم استخدامه في تزيين الكيك يحتوي على مستويات عالية من العديد من المعادن. إذ عانى الأطفال المصابون من القيء والإسهال، والذي بدأ بعد 30 دقيقة إلى 10 ساعات من تناول الكعكة واستمر الأمر لأقل من 10 ساعات. وكان لدى أحد الأطفال أعراض أطول دخل على إثرها إلى غرفة الطوارئ لتلقي العلاج.

وكانت الكعكة مصنعة في مخبز محلي وتم تزيينها بطبقة سميكة من الزينة ممزوجة بغبار لامع مكتوب عليه "غبار الذهب".

أما في حالة الإصابة التي سجلتها ميسوري، فقد كان السبب كعكة عيد ميلاد مصنوعة منزليًا ومزينة بمادة تسمى "غبار بتلات زهرة الربيع"، مما تسبب في ارتفاع مستويات الرصاص لدى طفل يبلغ من العمر عام واحد.

ووُصِفت عبوة الغبار على أنها "غير سامة" وباعتها إحدى شركات تزيين الكيك في فلوريدا. وأشار المحققون إلى أنه تم تسويقه على أنه لون غير سام لتزيين المخبوزات والحلويات والشوكولاتة وفن السكر.

خطر أكبر على الأطفال 

قال الباحثون إنه من الضروري أن تتضمن الملصقات عبارة أن هذه المنتجات ليست آمنة للأكل للوقاية من الأمراض.

قال جلاتر: "يعتبر استهلاك الرصاص لدى الأطفال مصدر قلق بشكل خاص، لأنهم يمتصونه بسهولة أكبر بكثير من البالغين".

وأضاف: "تتراكم المستويات على مدى شهور إلى سنوات ويمكن أن تؤدي إلى صعوبات في التعلم، وتغيرات سلوكية، ولكنها تؤدي أيضًا إلى فقر الدم، واضطراب النمو البدني، وتلف الكلى، وفي النهاية يمكن أن تكون قاتلة إذا لم يتم اكتشافها ومعالجتها عن طريق العلاج بالاستخلاب. علاوة على ذلك، تناول الرصاص من قبل الحامل يمكن أن يمر عبر المشيمة ويؤثر على نمو الطفل".

وحذر جلاتر من أن تناول النحاس يمكن أن يؤدي إلى الغثيان والقيء وآلام في البطن ونزيف في الجهاز الهضمي وتلف الكبد الذي يؤدي إلى اليرقان وانخفاض ضغط الدم وربما الصدمة والموت.

وأوضح أن "تراكم النحاس الزائد في الجسم قد يؤدي إلى فشل الكبد وتلف الدماغ ويمكن أن يكون قاتلاً. وعادة ما يزيل الكبد النحاس الزائد عن طريق إفرازه في الصفراء، وهو مركب مصنوع في الكبد".