أخبار

ما معنى الاعتداء في الدعاء .. وكيف أتجنبه؟

دراسة: علامات في الفم والأمعاء تنذر بالإصابة بمرض باركنسون

احذر.. بديل السكر يزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والأزمة القلبية المفاجئة

الأمن من مكر الله له عقوبات دنيوية وأخروية هذه أشهرها

إذا أردت خيري الدنيا والآخرة وتجنب كل شر وسوء عليك بالدعوات النبوية الجامعة

الأمن والصحة والعافية.."لتسئلن يومئذ عن النعيم"

لكل مشتاق.. ماذا تقول عند دخول الحرم ورؤية الكعبة المشرفة

آداب زيارة الحبيب صلى الله عليه وسلم.. هذا ما يليق بك وأنت على عتبات أبوابه

كيف تصرف النبي مع متحرش بفتاة في عهده؟.. وعقوبة المتحرش يوم القيامة

في ظل تزايد العنصرية بالغرب.. كيف حاربها النبي قبل 1400 سنة؟

لماذا يفتح الله باب التوبة للمذنبين رغم توعده إياهم بالعقاب؟ (الشعراوي يجيب)

بقلم | فريق التحرير | الخميس 12 يونيو 2025 - 12:15 م

{غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (غافر: 3)


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


يريد الحق سبحانه ألاَّ ينفصل خَلْقه عنه مهما كثرتْ ذنوبهم وغلبتهم شهواتهم، يريد سبحانه أنْ يعطفهم إليه ويجمعهم في ساحته، لذلك فتح لهم باب التوبة والمغفرة وبسط لهم يَدَ العفو والتسامح، ثم لوَّح لهم بعصا العقاب حتى لا يغتروا، وهذا المنهج يعود نفعه على الكون كله وعلى الفرد خاصة؛ لأن صاحب الذنب لو علم ذنبه لن يُغفر لتمادى فيه وأكثر وعربد في الكون وأفسد، وساعتها سيشقى به المجتمع، وخاصة أهل الإيمان.

لذلك كانت هذه الآية من أرْجَى الآيات في القرآن الكريم كما قال سبحانه في أواخر سورة الزمر: { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } [الزمر: 53].

وقلنا: إن هذه الآية وأمثالها لا تتعارض وقوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ.. } [النساء: 48] لأن الكفر ليس ذنباً، لأن الذنب أنْ تخالف أمراً مأموراً به أو منهياً عنه من المشرِّع الأعلى سبحانه، أما الشرك بالله فهو خروج عن الإيمان أصلاً فلا يُقال له مذنب.

كبائر الذنوب هل هناك توبة منها؟ 


والحق سبحانه كثيراً ما يذكر عباده بمغفرته وقبوله للتوبة حتى لا ييأس أحدٌ من رحمته تعالى، فقوله تعالى: { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ.. } [الزمر: 53] لم يقلها الحق سبحانه إلا وهناك مَنْ أسرف على نفسه ويَئِس من رحمة ربه، لأنه بالغ في الذنوب حتى ظن أنها لن تُغفر.

من هؤلاء وحشيّ قاتل سيدنا حمزة، لأنه بعد أن قتله أحسَّ بذنبه وعِظَم جُرْمه، وأيقن أنه هالك لن يغفر الله له، لذلك البعض يقول إنه ذهب لرسول الله يسأله في هذه المسألة وكذا وكذا، لكن الواقع أنه كان في مكة والآية نزلت في المدينة لكن نُقلت إليه فلما سمعها آمن وأسلم.

ويُروى أن وحشياً قابل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له صلى الله عليه وسلم: ما كنتُ أود أنْ أراك لولا أنك جئت مستجيراً وربي يقول: { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ.. } [التوبة: 6].

فقال: وأنا مستجير بك حتى أسمع كلام الله، فقرأ عليه رسول الله: { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } [الزمر: 53].

فقال: لكن الله يقول: { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً.. } [الفرقان: 70] وأنا لا أضمن أني أعمل عملاً صالحاً، فقرأ عليه رسول الله هذه الآية: { غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِي ٱلطَّوْلِ.. } [غافر: 3].


عياش بن أبي ربيعة واليأس من رحمة الله 


ومن هؤلاء الذين أصابهم اليأس من رحمة الله عياش بن أبي ربيعة، فيُروى أن سيدنا عمر رضي الله عنه لما أراد أن يهاجر اتفق مع عياش وهشام بن العاص بن وائل السهمي على أن يهاجروا معاً وأن يجتمعوا عند بئر غفار، فإذا حُبِس واحد منهم انتظروه، فلما جاء الموعد لم يأتِ عياش حيث حبسه أهله عن الهجرة ثم فتنوه ففُتن ولم يهاجر مع صاحبيه، فحصل له يأس من رحمة الله.فلما نزلت هذه الآية: { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ } [الزمر: 53] تذكر عمر صاحبه عياشاً الذي فُتن وتذكر أنه التقى معه على الإيمان في يوم ما، وأنه كان ينوي الهجرة إلا أن أهله فتنوه فرقَّ له قلبه وبعث إليه بهذه الآية ليطمئن ويعود إلى الإيمان.

قوله تعالى: { غَافِرِ ٱلذَّنبِ } [غافر: 3] أي: الذي سلف { وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ } [غافر: 3] أي: عن المعصية التي استقبلها { شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } [غافر: 3] لحكمة يقرن الحق سبحانه بين المغفرة والعقاب حتى لا يتواكل الناس وحتى لا يغتروا برحمة الله، فالدين يقوم على الخوف والرجاء، وهما كالجناحين للطائر لابدَّ منهما معاً { ذِي ٱلطَّوْلِ } [غافر: 3] كما تقول يعني (إيده طايلة) يفعل ما يشاء، فالله ذو الطوْل أي صاحب الفضل والإنعام يعطي ويتفضَّل بما يشاء على مَنْ يشاء إلا يردّ عطاءه أحدٌ، لذلك ورد في الدعاء: " لا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت ".

فإذا قال الحق سبحانه: { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } [غافر: 2] فهمنا من كلمة تنزيل عُلو المنزل والواسطة المنزل إليه والمنزل إليهم ليكون منهجاً لحركة حياتهم، وهذا العلو إنما نشأ لأن المنزل كتابٌ من الله واجب الوجود الذي له الكمال المطلق في قولنا لا إله إلا الله والله أكبر من كل شيء التي فسرناها في قوله تعالى { لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [الزمر: 63].

فلا إله إلا الله مقلاد، والله أكبر مقلاد، وسبحان الله مقلاد، وبحمده مقلاد، ونستغفر الله مقلاد، ولا حول ولا قوة إلا بالله مقلاد، وهو الأول مقلاد، وهو الآخر مقلاد، وهو الظاهر مقلاد، وهو الباطن مقلاد، بيده الخير مقلاد، وهو على كل شيء قدير مقلاد. ولن تجد شيئاً في كَوْن الله يخرج عن هذه المقاليد أبداً، وكل شيء فيها إنما هو بيد الله، كما قال سبحانه: { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ } [الأنعام: 59].

غالب لا يُغلب


وبعد ذلك تكلم الحق سبحانه، فقال { ٱلْعَزِيزِ } [غافر: 2] أي: عن خَلْقِه. والعزيز هو الذي يغلب ولا يُغلب، وهذه إشارة إلى أنه إذا أنزل اللهُ كتاباً على رسول فلن يوجد مَنْ يقف أمام هذا الكتاب لأنه غالبٌ لا يُغلب، وقوله { ٱلْعَلِيمِ } [غافر: 2] أي: يضع الأشياء في أماكنها بما يعلم أنها تؤدي مهمتها بصلاحها.

وبعد ذلك طمأن خَلْقه الذين أسرفوا على أنفسهم في بعض الأشياء، فذكر التخلية في { غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ } [غافر: 3] ولكنه سبحانه مع غفرانه للذنب وقبوله للتوب { شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِي ٱلطَّوْلِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } [غافر: 3] فجمع في هذه الآية صفات جلاله كلها وصفات جماله كلها.

ونفهم من (لا إله إلا هو) أنه لا استدراك لأحد على شيء من قوله { إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } [غافر: 3] فلا مرجع ولا مردَّ إلا إليه.



الكلمات المفتاحية

عياش بن أبي ربيعة واليأس من رحمة الله كبائر الذنوب هل هناك توبة منها؟ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ الشيخ محمد متولي الشعراوي

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (غافر: 3)