توصلت دراسة حديثة إلى أن المرضى الذين يعانون من أعراض كوفيد -19 طويلة الأمد يمكن أن يستمر ظهور الأعراض عليهم لمدة عام أو أكثر، مما يعرض وظائفهم وأنماط حياتهم اليومية للخطر.

وخلال الدراسة التي أجريت في كلية "إيكان" للطب في جامعة "ماونت سايناي"، نيويورك، ونُشرت في المجلة الأمريكية للطب الطبيعي وإعادة التأهيل، راقب الباحثون، 156 مريضًا عولجوا من فيروس كورونا بين مارس 2020 ومارس 2021، وأبلغوا عن مشاكل في التفكير والتعب وضباب الدماغ والصداع والمشاكل والدوخة.

أكمل المشاركون، استبيانًا يسأل عن الأعراض المختلفة وما يعتقدون أنه تسبب في ظهورها بمتوسط 351 يومًا بعد الإصابة. ولم يكن أي منهم حصل على اللقاح خلال وقت الدراسة.

وأكثر من 8 من كل 10 مشاركين لا يزالون يزعجهم التعب وضبابية الدماغ (67 في المائة) والصداع (60 في المائة) والاضطراب (59 في المائة) والدوخة (54 في المائة).

ووجد تقييم إضافي، أن 60 في المائة من المرضى يعانون من درجة معينة من الضعف العقلي، مثل تقلص الذاكرة قصيرة المدى، وصعوبة تذكر الأسماء ومشاكل في اتخاذ القرار والتخطيط اليومي.

من بين 135 مريضًا أجابوا على أسئلة حول التوظيف، عمل 102 مريضًا بدوام كامل قبل المرض، لكن 55 مريضًا فقط - نصفهم تقريبًا - واصلوا العمل بعد ذلك.

كما وجد الباحثون أن أكبر محفز للأعراض كان المجهود البدني (أبلغ عنه 86 في المائة من المرضى)، يليه الإجهاد (69 في المائة) والجفاف (49 في المائة) والتغيرات المناخية (37 في المائة).

اظهار أخبار متعلقة

صعوبة كبيرة في الانخراط في الحياة

قال كبير الباحثين، ديفيد بوترينو: "غالبية الأشخاص الذين درسناهم كانوا مرضى لمدة عام على الأقل، وما زالوا يواجهون صعوبة كبيرة في المشاركة في الحياة، ومشاعر الصحة والعافية العامة، والقدرة على التواصل الاجتماعي والقدرة على أداء المهام اليومية".

وأضاف بوترينو، أستاذ مشارك في إعادة التأهيل والأداء البشري في كلية "إيكان" للطب بجامعة "ماونت سيناي" بنيويورك، إن سبب الإصابة بكوفيد طويل الأمد غير واضح. وافترض أنه من المحتمل أن الفيروس لا يزال يسبب ردود فعل بعد شهور، أو ربما يكون قد غيّر جهاز المناعة وهذا ما يسبب هذه الأعراض المستمرة.

وأكد بوترينو وفقًا لوكالة "يو بي آي"، أن هذه الأعراض هي ردود فعل جسدية حقيقية للفيروس وليست ناجمة عن مشاكل عقلية أو عاطفية.

وقال "هؤلاء المرضى تظهر عليهم أعراض تتفق مع أكثر من 100 عام من الأدبيات حول مرض ما بعد الفيروس. لذا فهذه ظاهرة معروفة تصاحب الفيروسات، وخاصة الفيروسات الجديدة، والأعراض متسقة جدًا مع أمراض ما بعد الفيروسات الأخرى، مثل التهاب الدماغ والنخاع العضلي / متلازمة التعب المزمن ومرض لايم وحتى الأنفلونزا الإسبانية".

وأشار بوترينو إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان هؤلاء المرضى سيتعافون. وتابع: "نأمل أن يفعلوا ذلك. لدينا بعض البيانات الناشئة التي تشير إلى أن المرضى يستجيبون بالفعل للتدخل لإعادة التأهيل. كما أننا نجري أبحاثًا لفهم السبب الكامن وراء ذلك، ومن هناك يمكننا البدء في التفكير في تطوير الأدوية والأهداف الدوائية".

إعادة التأهيل من كوفيد -19

وعملية إعادة التأهيل من كوفيد -19 لفترة طويلة من عدة خطوات لتحديد - وتجنب - المحفزات. كما تتضمن تمارين لطيفة للمساعدة في إعادة برمجة الجهاز العصبي اللاإرادي، الذي ينظم الوظائف اللاإرادية للجسم.

وحذر بوترينو من الانخراط في ممارسة الرياضة بعدد التعافي، قائلاً: "تجنب أيضًا أي شخص يدفع بالتمرينات العنيفة أو التدريبات الرياضية. هناك مؤلفات قوية تشير إلى أنه في مرض ما بعد الفيروس، فإن العلاج بالتمارين الرياضية سيزيد من أعراضك ولن يجعلك أفضل".

من جهته، قال خبير الأمراض المعدية، الدكتور مارك سيجل إنه قلق بشكل خاص من التغيرات في القدرات المعرفية أو العقلية. وأضاف إن كوفيد -19 يمكن أن يسبب التهابًا في الدماغ، مما قد يؤثر على التفكير.


ويعتقد سيجل، الذي لم يكن جزءًا من الدراسة، أن كوفيد – 19 له تأثيرات على التفكير والذاكرة أكثر من الفيروسات الأخرى. وقال أيضًا إن التطعيم ضد كوفيد -19 ، حتى بعد المعاناة من المرض، قد يساعد في الوقاية منه لفترة طويلة.