الصحابة عاشوا وتربوا على يد النبى صلى الله عليه وسلم فهم أعلام الهدى، وقد ألهمهم الله الرشد، ومدهم بنور البصيرة، وسمعوا تعبير النبى صلى الله عليه وسلم للرؤى وتعلموا منه أجمعين.
قال محمد بن سيرين: أعبر هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر الصديق رضى الله عنه، فعن ابْن عَبَّاسٍ رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّى رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِى المَنَامِ ظُلَّةً تَنْطُفُ السَّمْنَ وَالعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا، فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالمُسْتَقِلُّ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلا بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ وُصِلَ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِى أَنْتَ، وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّى فَأَعْبُرَهَا، فَقَالَ النَّبِى صلى الله عليه وسلم: «اعْبُرْهَا» قَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَالإِسْلامُ، وَأَمَّا الَّذِى يَنْطُفُ مِنَ العَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالقُرْآنُ، حَلاوَتُهُ تَنْطُفُ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ القُرْآنِ وَالمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ الوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَالحَقُّ الَّذِى أَنْتَ عَلَيْهِ، تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ، فَأَخْبِرْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِى أَنْتَ، أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟ قَالَ النَّبِى صلى الله عليه وسلم: «أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا» قَالَ: فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّى بِالَّذِى أَخْطَأْتُ، قَالَ: «لاَ تُقْسِمْ» (البخارى 7046).
وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب قال: رأت عائشة رضى الله عنها كأنه وقع فى بيتها ثلاثة أقمار، فقصتها على أبى بكر وكان من أعبر الناس، فقال: إن صدقت رؤياك ليدفنن فى بيتك خير أهل الأرض ثلاثًا، فلما قبض النبى صلى الله عليه وسلم قال: يا عائشة! هذا خير أقمارك.
وأخرج أيضًا عن عمر بن شرحبيل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رأيتنى أردفت غنمًا سودًا ثم أردفتها غنمًا بيضًا حتى ما ترى السود فيها). فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما الغنم السود فإنها العرب يسلمون ويكثرون، والغنم البيض الأعاجم يسلمون حتى لا يرى العرب فيهم من كثرتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كذلك عبرها الملك سحرًا).
وأخرج ابن سعد عن ابن شهاب قال: رأى الرسول صلى الله عليه وسلم رؤيا، فقصها على أبى بكر، فقال: (رأيت كأنى استبقت أنا وأنت درجة، فسبقتك بمرقاتين ونصف)، قال: يا رسول الله يقبضك الله إلى مغفرة ورحمة، وأعيش بعدك سنتين ونصف.
وعن أبى قلابة: أن رجلاً قال لأبى بكر الصديق: رأيت فى النوم أنى أبول دمًا، قال: أنت رجل تأتى امرأتك وهى حائض، فاستغفر الله ولا تعد.
اقرأ أيضا:
رأيت نفسي داخل الكعبة وأعطوني التمر.. ما تفسير الرؤيا؟للتواصل مع معبر الرؤى والأحلام: