إذا أردت أن تغضب شخصًا في دولة من دول العالم المتحضر أثناء زيارته، ألق بعقب سيجارتك في النهر، فقد تواجه ما لاتتوقعه، حيث من المتوقع أن يقوم بلكمك أو ضربك، وربما إلزامك أن تلقي بنفسك في النهر لتأتي بما ألقيته فيه.
هذه حقيقة وليست خيالاً يعرفه كل من سافر إلى دول العالم المتحضر، الذي يؤمن بأهمية المحافظة على البيئة، وخاصة الأنهار، في الوقت الذي يقوم فيه كثير من الناس بإلقاء مخلفاتهم الصلبة و السائلة في مياه نهر النيل، غير مكترثين بتلوثه.
وبالرغم من الآيات القرآنية والنصوص الشرعية والأحاديث النبوية التي كشفت مقاصدها عن أهمية عمارة الأرض والحفاظ على البيئة، لا يعبأ المسلمون بنظافة نيلهم الذي يعد أحد أهم مقومات الحياة في مصر، فهو شريانها الذي قامت عليه الحضارة منذ آلاف السنين.
ومن أسباب تلوث مياه النيل إلقاء مياه الصرف الزراعي فيه، حيث يوجد 67 مصدرًا للصرف الزراعي يتم تصريفه في مياه النيل، فضلاً عن تصريف مواد الصرف الصناعي التي تحتوي على العديد من المواد الكيميائية الضارة بحياة الأسماك وكذلك الإنسان.
كما تقوم المصانع بإلقاء مخلفاتها الثقيلة في مياه النيل، وهذه المخلفات من أكثر المواد المسببة للأمراض، فضلاً عن قتلها للعديد من الكائنات النهرية التي تعيش في النهر.
وأثبتت دراسات تحليلية لمياه النيل في عام 2016 أن متوسط نسبة المواد الكلورية الفلورية في مياه النيل أصبحت أعلى من المعدلات الطبيعية المدرجة في قوائم منظمة الصحة العالمية.
فضلاً عن صرف مياه الصرف الصحي للفنادق والمنازل القريبة من النيل، في مياه النهر الخالد، بالإضافة لإلقاء النفايات المشعة، وجثث الحيوانات الميتة، و التخلص من مخلفات القمامة في النيل.
البيئة في الإسلام
الأرض هي ملكٌ لله تعالى لا يجوز للإنسان أن يتصرف بها بالشكل الذي يضر بها ويدمرها، بل يجب عليه أن يسعى فيها ويعمرها ويحافظ عليها، وحرص الإسلام على المحافظة على البيئة وعدم تلويثها، وقد ظهر هذا في العديد من الأحاديث الشريفة التي تحث على النظافة وعدم تلويث البيئة كقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يبولَنَّ أحدُكُم في الماءِ الرَّاكدِ ، ثمَّ يغتسلُ منهُ"، رواه أبو هريرة.
وكان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يوصي المسلمين بألّا يقطعوا شجرة أثناء الحروب والغزوات.
وأهمية وفائدة المياه في الإسلام واضحة جداً حيث إنّ الله تعالى ذكر في كتابه الكريم بأنّه جعل من الماء حاةً لكل شيء في هذا الكون، فلا تصلح الحياة في حال انعدمت المياه أو تلوّثت، ولهذا حثّ الإسلام على المحافظة على المياه وعدم الإسراف فيها حتى لو توفرت بشكل كبير، ونهى عن تلويث المياه العامة والأنهار بأي شكل من الأشكال، مثل إلقاء النفاات فيها أو حتى التبول فيها، ونهى الرسول صلّى الله عليه وسلّم من شرب الماء من فم الإناء (الصنبور في يومنا هذا)،؛ لأنّ هذا قد يفسد المياه وينقل لها البكتيريا الموجودة في الفم، بالإضافة إلى الحرص على تغطية المياه حتّى لا تتواجد في الجراثيم وتتكاثر، وبالتالي يحدث تلوّث في المياه.
اقرأ أيضا:
كيف أداوم على الطاعة.. تعرف على أهم الوسائل