عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ: (مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي) صححه الألباني.
و عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من رآني فقد رأى الحق، فإن الشيطان لا يتكونني ) رواه البخاري في صحيحه.
وقد اختلف العلماء في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم مناما فمنهم من قال محل هذا إذا رآه صلى الله عليه وسلم في صورته التي كان عليها وبالغ بعضهم فقال في صورته التي قُبض عليها ومن هؤلاء ابن سيرين رحمه الله تعالى فإنه صح عنه أنه كان إذا قُصت عليه رؤيا قال للرائي صف لي الذي رأيته فإن وصف له صفة لم يعرفها قال لم تره.
وفي حديث عاصم بن كليب ولفظه عند الحاكم بسند جيد قلت لابن عباس رضي الله عنهما : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام. فقال : صفه لي. قال فذكرت الحسن بن علي فشبهته به. فقال : رأيته.
وقال بعضهم أن رؤياه حق على أي حالة فرضت. ثم إن كانت بصورته الحقيقية في وقت سواء كان في شبابه أو رجوليته أو كهولته أو آخر عمره لم تحتاج إلى تأويل، وإلا احتيجت لتعبير يتعلق بالرائي، ومن ثم قال بعض علماء التعبير من رآه شيخاً فهو في غاية سلم. ومن رآه شاباً فهو في غاية حرب. ومن رآه مبتسماً فهو متمسك بسنته. وقال بعضهم من رآه على هيئته وحاله كان دليلاً على صلاح الرائي، وكمال جاهه، وظفره بمن عاداه. ومن رآه متغير الحال عابساً كان دليلاً على سوء حال الرائي.
وقال بعضهم رؤياه في صورة حسنة حسن في دين الرائي، ومع شين أو نقص في بعض بدنه خلل في دين الرائي لأنه صلى الله عليه وسلم كالمرآة الصقيلة ينطبع فيها ما يقابلها وإن كانت ذات المرآة على أحسن حال وأكمله وهذه الفائدة الكبرى في رؤيته صلى الله عليه وسلم إذ بها يعرف حال الرائي و ذكر هذا كله ابن حجر الهيثمي رحمه الله تعالى في شرح شمائل الترمذي.
ومن رأى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإن كان مهموماً فرج عنه، أو مسجوناً خرج من سجنه. وإذا رأى في مكان حصار أو غلاء فرج عنهم ورخصت أسعارهم، وإن كانوا مظلومين نُصروا، أو خائفين يأمنوا.
ورؤيته صلى الله عليه وسلم على ما وردت به السنة من صفاته التي لا يحسن واصف أن يعبر عنها فبشارة للرائي بحسن العاقبة في دينه ودنياه، وعلى قدر ذاتك وصفاء مرآتك تنزل لك رؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام. ومن رآه مقبلاً عليه، أو معلماً له، أو مؤتماً به في صلاته أو طريق، أو أنه أعطاه شيئاً حسناً، أو كساه ملبوساً لائقاً، أو وعده أو دعا له بخير، فإن كان الرائي أهلاً للملك ملك، وكان في زمنه عادلاً حاكماً بالحق يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كان عالماً عمل بما علم. وإن كان عابداً بلغ منازل أهل الكرامات. وإن كان عاصياً تاب وأناب إلى الله تعالى. وإن كان كافراً اهتدى وربما بلغ قصده من علم أو قراءة أو عمارة باطن مع أميته لقوله تعالى: ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) الأعراف 158.
وإن كان الرائي خائفاً أمن من ذي سلطان ورزق شفيعاً مقبولاً لأنه صاحب الشفاعة. وإن كان الرائي على بدعة وضلالة فليتق الله في نفسه خصوصاً إن رآه معرضاً عنه. وربما قدمت على الرائي بشارة مفرحة.
وتدل رؤيته صلى الله عليه وسلم على إظهار الحجج، وصدق المقالة، والوفاء بالعهد، وربما نال من بين أهله وأقاربه مبلغاً لم يبلغه أحد منهم، وربما حصلت له منهم العداوة والحسد والبغض، وربما فارق أهله وانتقل من وطنه إلى غيره، وربما أدركه اليتم من أبويه. وقد تدل رؤيته صلى الله عليه وسلم على إظهار الكرامات. و إن كان الناس في جهد وقحط دل على الشبع والرخاء والبركة من حيث لا يحتسبون.
وإن رأته امرأة بلغت رتبة عظيمة وشهرة صالحة وعفة وأمانة في نفسها وصيانة وربما ابتليت بالضرائر ورزقت نسلاً صالحاً، وإن كانت ذات مال أنفقته في طاعة الله تعالى.
ورؤيته صلى الله عليه وسلم تدل على الصبر على الأذى وإن رآه يتيم بلغ مبلغاً عظيماً وكذلك وإن كان غريباً وإن كان الرائي ممن يعالج الأبدان انتفع الناس بطبه وربما دلت رؤيته على نصر المؤمنين ودمار الكافرين خصوصاً إن كان معه أصحابه. وإن رآه مديون قضى الله دينه. وإن رآه مريض شفاه الله تعالى. وإن رآه من لم يحج حج البيت الحرام. وإن رآه محارب نصره الله تعالى. وإن رآه ممتحن كفاه الله تعالى. والله أعلم.
*للتواصل مع الأستاذ عبدالحي العسكري معبر الرؤى والأحلام
[email protected] اقرأ أيضا:
رأيت نفسي داخل الكعبة وأعطوني التمر.. ما تفسير الرؤيا؟