عزيزي المسلم، من أعظم الأمور التي تقربك إلى الله عز وجل لاشك الصدقات، فلذلك فضل عظيم وأجر كبير، حتى لأنك قد تذبح الشاة وتوزعها على الفقراء والمساكين، ويأتي عليك يوم تندم أنك أكلت منها، ولو جزءًا بسيطًا، ولم توزعها كلها على المحتاجين.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أنهم ذبحوا شاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بقي منها؟ قالت: ما بقي منها إلا كتفها، فقال عليه الصلاة والسلام: «بقي كلها غير كتفها»، وكأن الصدقة تزيد من مال المتصدق، وكأنها تحمل بركات لا يعلمها إلا من تذوقها، ولما لا فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله تعالى إلا رفعه الله».
إياك والبخل
لذا عزيزي المسلم، إياك والبخل، لأنك ستمسك على نفسك بركات ليس لها نهاية، إذن أنت الخسران لاشك، فالبخل والشح داء خبيث.
فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً»، فمن يخشى الإنفاق، فيلعلم أن الله بذاته العليا وعد بأنه سيخلفه، قال تعالى: «وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ».
بل أن الشح والبخل إنما هلك أمم من كانوا قبلنا، لذلك حذرنا منه نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم».
ما بعد الموت
تخيل عزيزي المسلم، سيأتي عليك يوم تتمنى لو يؤخرك الله تعالى ولو قليلاً، فتتصدق ثم تموت، قال تعالى: « وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ » (المنافقون: 10).
بل أنه من يريد أن ينفق الله عز وجل بجلاله وقدره عليه، فلينفق مما أتاه الله، فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: يا ابن آدم أنفق أُنفق عليك، وقال: يمين الله ملأى، سحاء لا يغيضها شيء الليل والنهار»، فهذا وعد من الله بالإنفاق على من أنفق في سبيل الله، والله تبارك وتعالى لا يخلف وعده، فعن سيدنا أبي ذر رضي الله عنه قال: "انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني" قال: «هم الأخسرون ورب الكعبة» قال: "فجئت حتى جلست فلم أتقار أن قمت". فقلت: "يا رسول الله، فداك أبي وأمي من هم؟" قال: «هم الأكثرون أموالاً إلا من قال هكذا، وهكذا، من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، وقليل ما هم».
اقرأ أيضا:
توقير العلماء وتبجيلهم خلق إسلامي رفيع.. هذه فضائله