بقلم |
عبدالحي العسكري |
الخميس 19 اغسطس 2021 - 02:15 م
قال ابن منظور رحمه الله فى لسان العرب: الرؤيا و الحُلم عبارة عما يراه النائم فى نومه من الأشياء، ولكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشىء الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشر والشىء القبيح، ومنه قوله عز وجل: (أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ) ويستخدم كل منهما موضع الآخر. ويفرق العلدماء بين الرؤيا والحلم بقول النبى صلى الله عليه و سلم: (الرؤيا من الله والحُلم من الشيطان). والمقصود بالتفريق نسبة الخير لله والشر للشيطان كما فى الرواية الأخرى: (إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنها من الله وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هى من الشيطان). وقال عيس بن دينار: الرؤيا ما يُتأول على الخير مما يُسر به، والحلم هو الأمر الفظيع المجهول يريه الشيطان للمؤمن ليحزنه ويكدر عيشه. والحلم عند العرب يستعمل استعمال الرؤيا والتفريق بينهما من الاصطلاحات الشرعية التى لم يعطها بليغ ولم يهتد إليها حكيم، بل سنها صاحب الشرع للفصل بين الحق و الباطل كأنه كره أن يسمى ما كان من الله وما كان من الشيطان باسم واحد.
وعن أبى قتادة رضى الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لا تَضُرُّهُ) رواه البخاري. والرؤيا: تكون واضحة المعالم ليس فيها تخليط، و تكون إما تبشيرًا للمؤمن حتى يقوى رجاؤه ويحسن الظن بالله كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (يونس63-64). وقال صلى الله عليه وسلم : (هى الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له). وإما تكون تحذيرًا من خطر ينتظره حتى يتهيأ له ويحذره. والرؤيا الصالحة أضيفت إلى الله وتكون بواسطة ملك الرؤيا، وتخلق أيضًا بحضرة الملك وهى من فضل الله ورحمته على العباد، ولذا فهى دائمًا يصحبها انشراح فى الصدر وزيادة الإيمان. والحُلم هو ما أضيف إلى الشيطان وخلق بحضرة الشيطان، وأضيف إليه لأنه هو الذى يخيل به ولا حقيقة له فى نفس الأمر. والحلم من وساوس الشيطان. ويكون غير محدد المعالم وفيه الترويع والتخويف والتحزين وقد يؤدى إلى الفتنة والخديعة والغيرة دون التحذير من الذنوب، وغالبًا ما يضيق الصدر منه. والحلم غالبًا يكون أول الليل لأنه وقت انتشار الشياطين. والله أعلم.