في موسم العيد حيث الأضاحي وتوزيع الصدقات على الفقراء والجيران يجد أن نذكّر بمعنى رائع ومهم جدًا وهو التصدق على الأرحام والأقرباء فهم اولى بالصدقة من غيرهم لاسيما إن كانوا فقراء متعففين.
والأمر بالصدقة على الفقراء باب جميل من أبواب البر والخير والتنافس الصالحات وهذا الأمر ليس مقصوراً على الرجال فقط بل يشمل الرجال والنساء وقد قال الله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}(المطففين:26)، وقال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(النحل:97).
التصدق على الزوج والأقارب:
ومما حفلت به السيرة المطهرة من مواقف رائعة حث فيها النبي صلى الله عليه وسلم النساء على الصدقة موقفه صلى الله عليه وسلم مع زينب الثقفية زوجة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، والتي تحدثنا عنه فتقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تصدّقن يا معشر (جماعة) النّساء، ولو من حُليِّكنّ، قالت: فرجعتُ إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقلتُ: إنك رجل خفيف ذات اليد (كناية عن الفقر)، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصّدقة، فأته فاسأله، فإن كان ذلك يجزئ عنّي وإلا صرفتها إلى غيركم. فقال لي عبد الله: بل ائْتيهِ أنتِ. قالَت: فانطلقتُ، فإذا امرأة من الأنصارِ ببابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، حاجتي حاجتُها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُلْقِيَتْ عليهِ المهابة. قالت: فخرج علينا بلال فقلنا له: ائْتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرْه أنَّ امرأتينِ بالبابِ تسألانِك: أتجزي الصدقةُ عنهما على أزواجهما، وعلى أيتامٍ في حُجورِهما؟ ولا تخبره من نحن. قالت: فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هما؟ فقال: امرأةٌ من الأنصار وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الزَّيانب؟ قال امرأة عبد الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لهما أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة) رواه مسلم.
ثواب الصدقة على الأرحام:
ومما سبق يتبين أن الصدقة على الأزواج ومن ثم الأرحام والأقارب والمعارف لها ثواب مخصوص فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لهما أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة) فيه الحث على الصدقة على الأقارب، وصلة الأرحام، وأن فيها أجرين"، وقال ابن حجر: "وفيه الحث على صلة الرحم"، وقال ابن عثيمين: "صلة الأقارب بالصدقة يحصل بها أجران: أجر الصدقة، وأجر الصلة، ودليل ذلك حديث زينب بنت مسعود الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه".
خلق نبوي في الصدقة:
ومن أخلاق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الصدقة أنه لا يستثني من يختلف معه بخلاف ما يحدث من البعض الآن فإنه يوزع صدقاته على من يحب لا من يكره مع من يتفق معه لا على من يختلف معه وإن كان الأخير محتاجا وهذا ظلم بل إن القرآن الكريم لام أبا بكر حينما منع الصدقة عن من وقع في عرض ابنته وقال له: "ألا تحبون أن يغفر الله لكم..".