ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام العشر من ذي الحجة، هكذا أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، فنحن نعيش في ظلال أيام مباركة ، فقد أقسم الله بها في كتابه الكريم في إشارة واضحة على بيان فضلها، كما في قوله تعالى: (وَالْفَجْرِ , وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، «سورة الفجر: الآية 1 - 2»، وهي من أحب الأيام إلى الله تبارك وتعالى، فالعمل الصالح فيها أحبّ إلى الله سبحانه وتعالى مما سواها من الأيام، لقول رسولنا - صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وََلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! فَقَالَ: وََلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إَِلا رَجُلٌ خَرَجَ بنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بشَيْءٍ»، (أخرجه البخاري). الأعمال المستحبة هذه الأيام التي نحياها هي أفضل أيام العام، إنها أيام عشر ذي الحجة، التي جاءت السنة النبوية مؤكدة فضلها، وداعية إلى كثرة الأعمال الصالحة فيها، ومن هذه الأعمال:
ومن أحب الأعمال الصالحة في العشر الأوائل من ذي الحجة التوبة ، حيث إنَّ التوبة كرم إلهي ومنحة من الله لعباده، عرّفهم فيها كيفية الرجوع إليه إن بعدوا عنه، وكيفية التخلص من تبعات الذنوب إذا عَصَوْه، كي يفروا إليه تائبين منيبين متطهرين. فما أكرمه من إله، وما أرحمه بخلقه وعباده، يجابه الناس ربهم بالفسوق والعصيان، ويخالفون دينه ويأتون ما نهى عنه، حتى إذا تابوا وأنابوا، قبل الله توبتهم وغفر سيئاتهم وأحبهم ورفع درجاتهم، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، «سورة البقرة: الآية 222». فليست التوبة قولاً باللسان، وادِّعاء لا دليل عليه، ولكنها هجر الآثام وتطهير النفس من الأدران، واستشعار الألم والندم على ما كان، فإِنَّ مَنْ يُحِسُّ ألم الذنوب ووخز المعاصي لا يقدم عليها.
مركز الأزهر العالمي للفتوى أكد أن من أقبل على الله بكليته أقبل الله عليه، وقرَّبه، ووفَّقه لفعل الطاعات وتجاوز عن زلاته وخطاياه، فعَنْ أَبِي ذَرٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً». أخرجه مسلم.
ويقول الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسجد الأقصـى المبارك سابقًا إن يد الله عز وجل مبسوطة بالعفو والمغفرة لا تنقبض في ليل ولا نهار، تنشد مذنباً أثقلته المعاصي يرجو الأوبة بعد طول الغيبة، ومسيئاً أسرف على نفسه يرجو رحمة ربه، وفاراً إلى مولاه يطلب حسن القبول، فما أفضل التوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، خاصة في هذه الأيام العشر المباركة.
وعن فضل التوبة في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن من الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة التوبة إلى الله عز وجل، وأداء الحج والعمرة.
وتابع: وكذلك التوبة الصادقة على رأس الأعمال الطيبة كلها، ومفتاح الفلاح والنجاة، لا سيما في عشر ذي الحجة الفاضلة، قال تعالي:« وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» [النور: 31]، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ، فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَأَسْتَغْفِرُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ» أخرجه أحمد في مُسنده، وإذا كان هذا حال سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع التوبة وقد غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ فنحن لها أحوج بلا شك.
وأوضح مركز الأزهر العالمي عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن من الأعمال العظيمة في أيام العشر من ذي الحجة أداء الحج والعمرة لمن استطاع إلى ذلك سبيلًا، فالحج هو ركن الإسلام الخامس، قال تعالى: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ» [آل عمران: 97].
وأضاف أن الحج المبرور من أفضل الأعمال عند الله عز وجل، فقد سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ» أخرجه البخاري، وقد جعل -صلى الله عليه وسلم- ثواب الحج الجنَّة، وأخبر أن العمرة بعد العمرة تُكفِّر الذنوب، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ» أخرجه البخاري.
خطيب وإمام المسجد الأقصى المبارك سابقًا الدكتور يوسف سلامة يضيف: من المعلوم أن أفئدة المؤمنين في جنبات الأرض كلها تهوي حنيناً إلى البيت الحرام، وتذوب شوقاً لرؤيته، حيث تُسكب العبرات، وَتُقال العثرات، وَتُغفر الزلات، وَتُضاعف الحسنات وَتُمحى السيئات، وتفيض البركات، حيث أَذَّن سيدنا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - في الناس بالحج صادعاً بأمر ربه، فتجاوبت لندائه قلوب المؤمنين الصادقين قائلة: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك»، وقد بَيَّن - صلى الله عليه وسلم - فضل الحج والعمرة، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم-: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه»، (أخرجه البخاري ومسلم)، وقوله - صلى الله عليه وسلم - أيضاً: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة»، (أخرجه الترمذي والنسائي).
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبراقرأ أيضا:
فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة..لا تتنافس على الشر واكتشف سترك الحقيقي