يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: «إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا»، فما الفرق بين الترغيب والترهيب؟.. الفرق بين الرغبة والرجاء أن الرجاء طمع.. والرغبة طلب.. يدفع صاحبه إلى تحقيقه عبر الطرق المشروعة إن كان خيرًا.. والمقصود أن الراجي طالب ، والخائف هارب.. وفي ذلك يقول العلماء: إن الرجاء طمع لكنه يحتاج إلى تحقيق في أمر مشكوك في حصوله عليه، كرجاء العبد دخول الجنة . فإن الجنة لاشك حقيقة وواجبة لا شك فيها، وإنما الشك في دخوله هو إليها، إلا بالتأكيد إذا وافق عمله شروطها، فبالتأكيد لن يمنعه ربه عنها، بينما الرغبة لا تكون إلا بعد تحقق ما يرغب فيه العبد، كأن يختار الإيمان بالله ، فيسلك هذا السلوك، وهو يعلم أن النهاية طيبة حتى وإن كان لا يدري أوصافها كما هي.
معنى رغبًا ورهبًا
حتى نعلم معنى رغبًا ورهبًا علينا أن نعلم الآية كاملة، حيث يقول المولى جلا في علاه: «وَزَكَرِيّا إِذْ نَادَىَ رَبّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىَ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ» (سورة الأنبياء:89، 90)، وهنا يعني الله بقوله ( رغبا ) أنهم كانوا يعبدونه رغبة منهم فيما يرجون منه من رحمته وفضله، ( ورهبا ) يعني رهبة منهم من عذابه وعقابه ، بتركهم عبادته وركوبهم معصيته، أي : رغبا في رحمة الله ، ورهبا من عذاب الله.. لذلك نرى أن عبادة الأنبياء والعلماء والأتقياء تشتمل على الخوف والرجاء ، ولا تخلو من محبة ورهبة، قال الله تعالى في وصف حال المدعوين من الملائكة والأنبياء والصالحين : « أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ » (الإسراء/ 57 ).
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائلإذا أحببت الله
إذن لابد أن يكون هذا هو حال المسلم، أن يعبد الله راغبًا في رحمته، وأيضًا خائفًا من عذابه، وتلك كامل العبادة لاشك، فإذا أحببت الله عز وجل كامل الحب، رغبت فيما عنده ، ورغبت في الوصول إليه ، وقمت بطاعته على الوجه الأكمل، خفت منه ، وبالتالي كلما هممت بمعصية استشعرت عظمة الخالق عز وجل ، فتبتعد عن هذه المعصية، مثلما حدث لنبي الله يوسف عليه السلام، قال تعالى: « وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ » (يوسف/ 24)، فبالتأكيد هذه من نعمة الله عليك ، فإذا هممت بمعصية وجدت الله أمامك ، فتخشاه وتخافه، وتهابه، ثم تتباعد عن المعصية، لأنك تعبد الله ، رغبة ، ورهبة .