يعاني أكثرنا أعباء العمل المتراكمة التي تؤدي لزيادة ساعات العمل. لكن ماذا لو كان العمل الأقل هو السر في إنجاز عمل أكبر؟، فعندما تزيد أعباء العمل، يقرر كثير منا زيادة عدد ساعات العمل. لكن ربط وتجميع لحظات "عدم التركيز" يمكن أن يكون جوهرياً في إنجاز عمل أكثر في وقت أقل.
يكشف التقرير المنشور على موقع "بي بي سي عربي" أن الكثيرين منا لديهم شعور بأنه لا يوجد في اليوم ما يكفي من الساعات للقيام بكل ما نحتاجه من أعمال. فالمهمات التي تستغرق دقائق معدودة يمكن أن تمتد إلى عدة ساعات في الوقت الذي تتراكم فيه أعمال ومهمات أخرى.
وقال التقرير إن الحل بالنسبة للغالبية منا هو أن نعمل حتى ساعات متأخرة من المساء، أو حتى خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهو ما يجعل الكثير منا يشعر بالإرهاق والتوتر والإستنزاف. لكن ماذا لو كان العمل الأقل هو السبيل الأمثل لإنجاز عمل أكثر؟
كيف تدير وقتك؟
توصلت دراسة عن أماكن العمل إلى أن معدل التشتت أثناء العمل في أي مهنة يبلغ نحو 87 مرة في اليوم الواحد، مما يجعل من العسير على المرء أن يظل محافظا على تركيزه طوال اليوم، أو منتجا طوال اليوم.
وقرر أصحاب الدراسة أن يتم تقسيم يومهم إلى فترات يبلغ طول كل منها 45 دقيقة، ومن ثم تقييم مدى إنتاجيتهم خلال تلك الجلسات الزمنية الصارمة.
كان المفتاح للحفاظ على التركيز والطاقة في فترات زمنية قصيرة هو تطبيق مبدأ المرونة على هذه الفترات، حيث كان بإمكانهم استخدام بعض هذه الفترات الزمنية لممارسة الرياضة، وبعضها في التأمل، والبعض الآخر في العمل. وقد ساعده أخذ قسط من الراحة خلال يوم العمل على خفض مستوى التوتر، وبالتالي تحقيق نتائج أفضل خلال الوقت المخصص للعمل.
وهذا أمر معقول في ضوء دراسة توصلت إلى أن إنتاجيتنا تتعلق بنسبة أقل بعدد الساعات التي نقضيها في العمل، وبنسبة أكبر بالراحة التي نحصل عليها.
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟استراحة بين فترات العمل
المثير للدهشة، أن 10 في المئة من الموظفين الأكثر إنتاجية لم يعملوا لوقت أطول من بقية الموظفين، وغالباً لم يعملوا حتى لثمان ساعات في اليوم. لكن السر في إنتاجيتهم كان أنهم كانوا يأخذون استراحة لمدة 17 دقيقة بعد كل فترة عمل بتركيز لمدة 52 دقيقة.
وربما تملي علينا ثقافتنا العمل على مدار الأسبوع دون أخذ قسط من الراحة، إلا أن سوجانج -كيم بانج، الاستشاري في وادي السيليكون، ومؤلف كتاب "أخلد للراحة: لماذا تنجز أكثر عندما تعمل أقل"، يعتقد أن ذلك لا يساعدنا على أن نكون أكثر إنتاجية أو قدرة على الإبداع.
ويقول إن الأبحاث تشير إلى أهمية أخذ قسط من الراحة. ويضيف: بشكل عام، العمل ساعات طويلة يقود حتماً إلى زيادة الإنتاجية، لكن مع مرور الوقت تختفي هذه المكاسب، حيث يزيد عدد المرات التي تقع فيها أخطاء مكلفة، وبالتالي تختفي المكاسب التي نجنيها من العمل لساعات طويلة".
وتوصلت دراسة عام 1951 قام بها كل من ريموند فان زيلست و ويلارد كير من معهد إلينوز للتكنولوجيا أن العلماء الذين أمضوا 25 ساعة أسبوعياً في مكان العمل ليسوا أكثر إنتاجية من الذين قضوا خمس ساعات.
فمن الممكن أن تكون فترة ساعة إلى ثلاث ساعات من العمل المركز بنفس إنتاجية وفاعلية يوم عمل تقليدي. وسبب ذلك هو أن الانشغال نقيض الإنتاجية.
طريقة أخرى لإنجاز عمل أكثر في وقت أقل هي إعادة التفكير في طريقة ترتيب أولوياتك خلال اليوم، وعلى وجه التحديد الطريقة التي تكتب فيها قائمة الأشياء التي تريد أن تقوم بها.
وبينما توقع الباحثون أن الخطط اليومية المعدة بطريقة جيدة ستكون أكثر فعالية عند تنفيذ المهمات، إلا أنهم كانوا على خطأ، فقد أدت الخطط اليومية المفصلة إلى تبديد الدافع لدى الطلاب. ويقول هارفورد إن التشتت الحتمي للذهن غالباً ما يجعل قائمة المهمات اليومية غير فعالة، بينما يتيح فرصة للارتجال في قائمة كهذه لجني أفضل النتائج.
ولكي نصل إلى أفضل ما يمكن من خلال تركيزنا وطاقتنا، فإننا نحتاج أيضاً إلى تخصيص وقت للراحة من العمل، أو الكسل، كما يعبر نيوبورت عنه بالقول "كن كسولاً".
والسر في أن نكون منتجين يكمن ربما في استخدام ذلك الوقت بكفاءة عبر تبني تلك اللحظات في يومنا التي تبدأ فيها إنتاجية الواحد منا في التراجع، وعادة يكون ذلك في وسط فترة العمل الصباحية، وبعد الغداء مباشرة، ووسط فترة ما بعد الظهر.