رمضان فرصة عظيمة تستحق أن نغتنمها للتقرب إلي الله في كل قول وفي كل فعل. وعلي جميع الآباء والأمهات استحضار دورهم كقدوة في حياة الأبناء وأن يدركا حجم المسئولية الواقعة عليهما في توجيه الأبناء نحو طريق الله والتعلّق بكل شيء يقربهم إلي محبته.
من جانبها، تبين مروة عبد الحميد خبيرة العلاقات الأسرية والتربوية أن صوم رمضان من أشق العبادات بدنياً علي الأولاد، ولذلك علينا أن نكون في بالغ الحرص والتفهّم عند تدريبهم عليه وتحضيرهم له. ولأن التعليم في الصغر كالنقش علي الحجر، نؤكد علي ضرورة التحدث مع الأولاد وتعريفهم علي تعاليم دينهم وأسسه منذ نعومة أظافرهم وأن نشكّل أسلوب حواري يناسب كل مرحلة عمرية من مراحل الطفولة حتي يصلوا سن الشباب ونحن مطمئنين لأننا سلّحناهم بالمعرفة وعلّقنا قلوبهم بحب الله عز وجل ورسوله، فيكون إرضاء الله دائماً هو بوصلتهم التي تعدّل مسارهم تلقائياً كلّما حادوا أو ابتعدوا عن الطريق السليم.
وتضيف: يمكننا اتباع الخطوات البسيطة الآتية حتي نشجّع أولادنا ونعوّدهم علي الصيام:
١. أن نشرح لهم أهمية الصيام وفوائده الجليلة في الدنيا والآخرة. فالصيام هو طاعة لأمر من أوامر الله تعالي وفرصة عظيمة لتنقية النفس والروح ممّا يشغلها طوال العام عن عبادة الله. كما أن له فوائد صحيّة كبيرة اكتشفها العلم والأطباء حديثاً وأن الصيام له بالغ الأثر في الحفاظ علي جسم سليم وصحّي بإذن الله.
٢. إظهار إيماننا القوي بهم وفي قدرتهم علي أداء هذه العبادة ونعط لهم فرصة عرض أفكارهم عن أفضل طريقة لتحضيرهم للصيام من وجهة نظرهم، فيستشعروا معني المشاركة والحوار الأسري الذي يعزز علاقتهم بالأهل ويمدّهم بقدر هائل من الثقة بالنفس.
٣. أن نمثّل لهم القدوة الحسنة. فنظهر أمامهم دائماً وبشكل غير مباشر حُبّنا للصيام وفرحتنا بعبادة الله. فالأطفال يدركون ويتأثرون بلغة المشاعر بشكل سريع جداً. فإذا نجح الآباء والأمهات في ربط مشاعر إيجابية داخل نفوس الأولاد حول صوم رمضان منذ الصغر، فسيتعلّقون به بكل سهولة ويسر بإذن الله.
٤. الامتناع عن مكافأتهم مادّياً في حال صيامهم أو عقابهم إذا ما التزموا. وقد تكون هذه النقطة مثيرة للجدل بعض الشيء لأن التشجيع والمكافآت المادية محبذة لدي الأولاد بشكل خاص وأن نظرية "الثواب والعقاب" محبذة أيضا لدي الأهل بشكل عام. ولكن أثبتت الأبحاث والدراسات الميدانية عدم جدوي هذه النظرية، وأن لها علاقة وطيدة بمشاكل انعدام المسئولية واللامبالاة في سن الشباب. فعلينا هنا أن ندرك أن هدفنا الحقيقي هو تعليم أولادنا أننا نصوم طاعةً لله وامتثالاً لأوامره فقط لأنه سبحانه وتعالي يستحق أن يُعبد ولا نعبده حباً في المكافأة التي حضّرها الأهل أو خوفاً من عقابهم.
٥. مساعدتهم في استشعار كرم الله علينا ورضاه عنّا في تفاصيل حياتنا اليومية الصغيرة. فيمكننا أن نعقد معهم جلسة تفكّر في نعم الله علينا كأسرة ونساعدهم في فهم معني أن الله إذا رضي عنّا فسيرضينا بإذنه تعالي ويُقر أعيننا بما نحب، ولذلك علينا أن نحمده ونشكره علي نعمه وأن نمتثل لأوامره ونطيعه ونعبده حتي يرضي عنّا في الدنيا والآخرة.