لاشك أن تربية الأطفال من المهام، والأدوار الأكثر صعوبة في الحياة، وتزداد هذه الصعوبة بدون وجود أحد الزوجين بسبب الطلاق أو الوفاة.
ففي الأسر القائمة على "والد" واحد سواء كان هذا الوالد هو الأب أو الأم، تكون هناك تحديات خاصة عليه اجتيازها، فتحمل المسئولية الكاملة عن رعاية أطفال ليس بالشيء الهين.
فإلى جانب ضغوطات الحياة، والاجهاد بسبب العمل، وتسارع وتيرة الحياة، سيضاف ضغوطات التربية والرعاية بالكامل، فإذا كانت ضغوطات الحياة وحدها سببًا في الشعور بالتعب والإجهاد ما يعني الشعور بالتشتت وعدم القدرة على توفير الدعم العاطفي للأطفال، والرعاية المادية والمعنوية بشكل أفضل، مما قد ينذر بحدوث مشكلات سلوكية لديهم.
فبحسب الاختصاصيين هناك نصائح استرشادية يمكن اتباعها للتغلب على مثل هذه التحديات:
أولًا: ينصح الاختصاصيون الوالد الواحد المسئول عن تربية ورعاية الأطفال بعد الطلاق أو الترمل، بضرورة إظهار الحب لأطفاله، والثناء على أفعالهم الطيبة، وتشجعيهم، ومنحهم الدعم والقبول والحب غير المشروط، وتخصيص وقت يومي ولو قليل للعب معهم، تناول وجبة، أو الجلوس وفقط بدون مشاركة أي نشاط سوى الحديث معًا.
ثانيًا: ضرورة وضع روتين يومي، إذ ينبغي أن يشعر الطفل أن هناك نظامًا في الحياة وأنها لم تتهدم بسبب الطلاق أو الوفاة، وغياب أحد الوالدين، ولم تصبح الأمور "سبهللة"، فهذا الروتين والنظام مما يشعر بالاستقرار والأمان، كتحديد مواعيد للنوم والاستيقاظ وتناول الوجبات.
ثالثًا: احرص على الإيجابية في طريقة تفكيرك، وحس الفكاهة في مواجهة الأزمات، فعند مواجهة الصعوبات لا تكذب على طفلك ولا تخفيها بل كن صادقًا، عرفه الحقيقة مع بث الأمل في أن الأمور ستتحسن، وكن مطمئنًا أولًا إلى ايجابيتك واطمئنانك وتفاؤلك، فهي تنتقل تلقائيًا إلى أطفالك، والعكس صحيح.
رابعًا: لا تتردد في طلب المساعدة سواء كانت لنفسك أو لأطفالك، فلا تحمل طفلك الأكبرعبء رعاية إخوته الصغار، بل ابحث عن أقارب تجمعك معهم علاقة آمنة وداعمة للقيام بهذا في أوقات عدم تواجدك، أو في حال مرض أحد أطفالك، أو البحث عن مقدم رعاية مقابل أجر"جليسة أطفال"، وانضم أنت أيضًا لمجموعات الدعم النفسي المخصصة للأسر القائمة على الوالد الواحد، وشارك تجربتك وخبراتك ومشاعرك معهم، فسيدعمك هذا كثيرًا وسيشعرك أنك لست وحدك، وانخرط بشكل عام في الأوساط الاجتماعية المناسبة لك ولأطفالك، ولا تنعزل.
خامسًا: لا يعني غياب أحد الوالدين بسبب الطلاق أو الترمل، ألا يتعلم طفلك قواعد التصرفات الصحية، مثل احترام الكبير، والتحدث بأدب، والاستئذان، وقواعد النظافة الشخصية، وقواعد التعامل مع الغرباء، وتحمل المسئولية، واحترام الذات وعدم قبول الإساءة وتعلم قول "لا" لمن يتجاوز الحدود، وهكذا.
سادسًا: احذر من تدليل طفلك لتعويضه عن غياب والده/والدته، أو التوبيخ واللوم والتهديد والقسوة هذه كلها تشوه الشخصية وتزعزع الثقة في النفس لدى الأطفال، وتعد من سوء المعاملة، وتعلم أصول العلاقة الوالدية الصحية والتربية السليمة، التي ليس من ضمنها ما سبق ولا الشعور بالذنب لغياب الوالد/الوالدة عن حياة الطفل.
سابعًا: اهتم بنفسك، وقدرّها، فلن تستطيع القيام بدورك بأفضل صورة ممكنة بدون الاعتناء بنفسك، والرفق بها، وتدليلها، واتباع نظمًا صحية تخص التغذية والنوم، واقامة علاقات آمنة وداعمة عبر دوائرك في كل النطاقات كالعائلة، الجيران، زملاء العمل، الأصدقاء، إلخ، فهذا كله مهم ويخدم اهتمامك بصحتك الجسدية والنفسية، حتى يمكنك الصمود، ومواصلة رحلة الحياة كوالد مسئول، وحده.