من أحب السنن إلى الرجل المؤمن، سنة النظافة والتطهر، فالمؤمن الحقيقي لا يطيق أن يبقى دقيقة واحدة على جنابة، أو أن يظهر في مظهر غير لائق به كمسلم، حتى أن أحد الصحابة سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت نعليه في الجنة، كونه كان يحب أن يكون طاهرا دائما متوضئا طوال الوقت، لا يترك فرصة لأن يكون على غير وضوء، وكان كلما توضأ صلى ركعتين لله.
وقد ارتبط المسجد بطهارة المؤمن، فهي بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة.
فأمرنا الله أن نعظم بيوته، والتعظيم يبدأ عند الشروع في الذهاب إليها، (يا أيها الذين آمنوا خذوا زينتكم عند كل مسجد)، فأنت تقبل علي بيت العظيم سبحانه، ومن تعظيم شعائر الله تعظيم هذا اللقاء، فالمساجد بيوت الله في الأرض، وزوارها عمارها الذين يعمرونها بمجالس العلم وقراءة القرآن والصلاة والذكر والدعاء، وهذه العمارة هي علامة الإيمان، (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتي الزكاة ولم يخش إلا الله فعسي أولئك أن يكونوا من المهتدين).
لذلك لم ينافس الإسلام دين أخر في الطهارة، أو يعتني بالصحة ويأمر بالنظافة والطهارة ويدعو إلي كل جميل طيب تطيب معه الحياة، كما دعا الإسلام.
وحينما مدح الله المؤمنين الذين يعمرون بيوته مدحهم بحرصهم علي الطهارة لأنها شعار هذه الأمة الطاهرة (لمسجد أسس علي التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين).
اظهار أخبار متعلقة
ومن سنن النظافة والطهارة التي سنها النبي صلى الله عليه وسلم:
1 ـ سنّ الغسل عند اجتماع عدد كبير من الناس فيها كالجمعة والعيدين، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:(حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما يغسل فيه رأسه وجسده)، وعني بنظافة الشعر فروي أبو داود عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:(من كان له شعر فليكرمه).
2 ـ سنّ لنا التطيب والتجمل بلبس أفضل الثياب وأكرمها عند القدوم عليها ولا سيما في الجمعة، البخاري وأحمد عن سلمان ـ رضي الله عنه ـ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:(لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من الطهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى).
3 ـ نهي عن كل ما يؤذي المسلم من رائحة كريهة ، ففي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:(من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته ذلك لأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم)، إذا كان هذا في الثوم والبصل وفيهما ما فيهما من المنافع، فكيف بالدخان وهو سرطان وسم قاتل لا منفعة فيه؟!.
4 ـ سنّ لنا سنن الفطرة وأنها من سنن المرسلين قبلنا، فقال:(خمس من الفطرة: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط)، ورغب في السواك لأنه مطهرة للفم فروي البخاري ومسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:(لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ)، وروي أحمد والنسائي وابن حبان عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:(السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب) .
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبرولم تقف الطهارة في الإسلام على الحياة الدنيا فقط، بل تعدت للاخرة، فتأمل هذا الدعاء الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم عندما يصلي صلاة الجنازة علي ميت.
فيما روى مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه:(اللهم اغفر له، وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس).
وعندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة كان يقول:(اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب .. اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس .. اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد).