أخبار

ما حكم التصرف في مال الأم المصابة بالزهايمر؟

دراسة: شرب الشاي والقهوة مفيد لمرضى الروماتيزم

انتبه.. 4 أطعمة "صحية" تحرمك من فقدان الوزن

"آن كان ابنَ عَمَّتِكَ؟".. تعرف على قصة الكلمة التي أغضبت رسول الله

سؤال محير عن سرقة "القرامطة" للحجر الأسود.. هذه إجابته

قلب المؤمن ليس كقلب غيره.. ما علامة ذلك؟

الإيمان قول وعمل واعتقاد.. وهذا هو الدليل

تحول العافية وفجاءة النقمة.. البلاء الذي استعاذ منه النبي

١١ وسيلة تحببك فى الطاعة وتكرهك فى المعصية.. احرص عليها

قيمتك بأخلاقك وقيم ما تدين به.. فماذا هي قيمتهم وقيمهم؟

من مواليد شهر رجب.. إمام فقيه ومحدث وأجيز في الافتاء بعمر 17 عامًا وألف 600 كتاب في التفسير والفقه والحديث

بقلم | خالد يونس | الثلاثاء 30 يناير 2024 - 12:05 م

هو عالم موسوعي في التفسير، والحديث، والتاريخ، واللغة، والفقه، والأدب، ويعتبر بحر كبير من بحور العلم ألَّف ما يبلغ من 650 كتابًا في فروع العلم المختلفة، ولد في غرة شهر رجب من سنة 849 هـ، المـوافق سبتمبر من عام 1445م، بالقاهرة، رحل أبوه من أسيوط لدراسة العلم، وكان أبوه أحد العلماء الصالحين أصحاب المكانة العلمية الرفيعة التي جعلت بعض أبناء العلماء والوجهاء يتلقون العلم على يده.

حباه الله بذاكرة واعية وملكة حفظ قوية، فاستطاع أن يختم القرآن الكريم كاملًا وهو دون الثامنة من عمره، و دوَّن أول مؤلفاته في عمر السابعة عشر، و ذاع صيته واشتهر أمره في عدة قارات وهو لا يتجاوز الثلاثين من عمره.

إنه الإمام المحدث الفقيه جلال الدين السيوطي الذي ولد بمدينة أسيوط بالصعيد في جنوب مصر، وقد عرَّف نفسه في ترجمته في كتابه “حُسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة”، فذكر أن مولده كان بعد المغرب ليلة الأحد مستهلّ رجب سنة (849هـ – 1445م)، ومن أسرة ينتهي أصلها إلى جدِّه الأعلى “همام الدين” وهو شيخ من أهل الحقيقة والتصوف، بنى مدرسة بأسيوط ووقف عليها أوقافًا، وكان جده هذا أول من سكن أسيوط من عائلته بمصر، ولا يزال ضريحه مفتوحًا للزائرين إلى اليوم.

وقد أُطلق عليه السيوطي نسبة إلى موطن أجداده بأسيوط، ويُعرف كذلك بلقب الخضيري نسبة إلى محلَّة الخضيرية ببغداد والتي عاش فيها أحد أجداده قبل مقدمه إلى أسيوط، وُلِد والده “كمال الدين أبو بكر” في أسيوط، وكان من تلامذة العالم الكبير ابن حجر العسقلاني، وكان إمامًا واعظًا، والإمام الخاص للخليفة العباسي بمصر “المستكفي بالله”، وقد وُكِّل إليه القضاء في القاهرة لفترة، وكتب الكثير من المؤلفات من نوع الشرح والتعليق والحاشية، وكان يصطحب ابنه إلى دروس ابن حجر رغم حداثة سنه رغبة منه في انشغاله بالعلم في كبره.

والاسم الحقيقي للسيوطي هو عبد الرحمن، وكناه أبوه بجلال الدين، وكنيته: جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن كمال الدين أبي بكر بن محمد الخضيري الأسيوطي الشافعي.

والده كمال الدين أبو بكر، وهو من علماء الفقه في المذهب الشافعي، توفي والده ولا يزال عبد الرحمن في السادسة من عمره، فتربى السيوطي في كنف الصديق الوفي لوالده القاضي عز الدين أحمد بن إبراهيم الكناني، فكان نعم المربي ونعم المعلِّم، وقد كناه بأبي الفضل.

ذاكرة  وقدرة قوية على الحفظ 


تمتع السيوطي بذاكرة واعية وملكة حفظ قوية، فاستطاع أن يختم القرآن الكريم كاملًا وهو دون الثامنة من عمره، وعقب حفظه القرآن الكريم حفظ كذلك “عمدة الأحكام” للجماعيلي، و”منهاج الطالبين” للنووي، و”منهاج الوصول” للبيضاوي و”ألفية بن مالك”. إنه لم يكتف بالحفظ، بل عرض ما حفظه وهو في سن الخامسة عشر على مشايخه أمثال صالح بن عمر البلقيني ويحيى بن محمد المناوي، وقد لازم الإمام شمس الدين السيرامي، وحصل منه بعد عامين على إجازة “بتعليم اللغة العربية”.

لقد أصقل السيوطي مهاراته الأدبية واللغوية واطلع على العديد من كتب اللغة العربية، وكان من أكثر الأساتذة الذين استفاد منهم في هذه الفترة هو شمس الدين محمد بن سعد بن خليل المرزباني الحنفي موظف المكتبة الشيخونية. كتب السيوطي مؤلفات عدَّة في فترة شبابه كشروح وحاشية لبعض الكتب والمسائل المتعلقة باللغة العربية، إلا أنه قام بمحوها كلها لأنها لم تستقر في قرارة نفسه، ولم يطمئن لها قلبه. وفي عمر السادسة عشر التحق بدروس الفقه على يد شيخه الذي يحس بالإعجاب والشغف الكبير نحوه قاضي القضاة صالح بن عمر البلقيني، في نفس السنة قام بكتابة مؤلفيه “شرح الاستعاذة والبسملة” و”شرح الحوقلة والحيعلة”، فكتب له شيخه البلقيني عليهما تقريظًا، وكان هذان المؤلفان أيضًا يظهر فيهما قلة خبرة السيوطي، إلا أنه لم يمحهما حياءً من شيخه بعد أن كتب عليهما التقريظ بخط يده.

إجازة تأليف وفتوى بعمر صغير


بدأ السيوطي التدريس والتأليف في سن مبكرة، فقد حصل على إجازة من شيخه البلقيني في الفتوى والتدريس في سن السابعة عشر، وكان أول درس ألقاه في سن الثامنة عشر في مسجد شيخوني في التاسع من ذي القعدة لعام 867 هجرية، وقد لازم شيخه البلقيني حتى توفي، فلزم بعده ولده، وأتم معه ما بدأه من رحلة العلم مع والده، ثم لازم شيخ الإسلام المناوي، ودرس عليه علوم القرآن والفقه والحديث.

دوَّن السيوطي أول مؤلفاته في عمر السابعة عشر، وقد لازم تقي الدين الشبلي الحنفي أشهر علماء عصره أربع سنوات تلقى فيها دروس الحديث واللغة العربية، كذلك لازم محيي الدين القافيجي من أكبر علماء زمانه أربعة عشر سنة، فكانت هذه أطول مدة يمكثها السيوطي مع أحد مشايخه، فتتلمذ السيوطي على يد محيي الدين القافيجي في علوم التفسير والحديث وأصول الفقه وأصول الحديث واللغة العربية، ثم حصل منه على إجازة بتدريس مختلف فروع العلم.

لقد درس السيوطي العديد من الكتب، إلى أن صقل علمه في ريعان شبابه وأصبح مختصًّا في العديد من فروع العلم من التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع والكلام وغير ذلك.

رحلة طويلة في طلب العلم


ذاع صيته في زمن قصير، وبدأ يلقي دروسًا في فروع العلم المختلفة، وكان يحضر دروسه بعض الأساتذة أيضًا بجانب الطلاب، ولاسيما أنه برع في علم الحديث، واختص به، فقد لاقت آراءه وفتاواه في هذا المجال قبولًا واستحسانًا كبيرًا، وقد ساعدته حافظته القوية في قراءة المؤلفات واستيعاب مسائلها في فترة قصيرة والرد على كل الأسئلة المطروحة عليه، حتى إنه لديه من القدرة العلمية ما يجعله يوضح ويحدد رقم الصفحة وفي أي سطر تقع الإجابة على السؤال المطروح عليه، فيذكر أنه حفظ مائتي ألف حديث شريف.

رحل الإمام السيوطي في طلب المزيد من العلم بعد أن أخذ عن أهل بلده، فرحل إلى الشام والحجاز واليمن والهند والسودان في مرحة شبابه، ومكث في مكَّة مدَّة لأداء فريضة الحج، وخلافًا لهذا فقد طوَّف ببعض المدن المصرية مثل دمياط والفيوم والإسكندرية.

و ذاع صيته واشتهر أمره في عدة قارات وهو لا يتجاوز الثلاثين من عمره، ولأستاذه قافيجيي فضل كبير في ذلك؛ إذ إنه أرسل كتب السيوطي إلى كل البقاع التي يذهب إليها تلاميذه، ويوصيهم بنسخها وتوزيعها، حتى إنه كانت تتوافد الأسئلة إلى السيوطي من خارج وطنه، فكان يرد عليها ويرسلها إلى أصحابها، فهو من كبار علماء الإسلام بالاتفاق.

بدأ السيوطي في إلقاء دروس الحديث بعد أن صقل علمه في هذا الجانب، وفي تلك الآونة اضطلع بكتابة بعض المؤلفات بجانب تدريسه، وظل يواصل الكتابة إلى آخر يوم في حياته.

ومن أساتذة السيوطي الذين يجب ألا نغفل عنهم الشيخ جلال الدين المحلي،  فقد شاركه السيوطي في تأليف “تفسير الجلالين”، المؤلَّف العظيم الذي لا يجهله أحد، فقد فسَّر جلال الدين السيوطي القرآن الكريم من أول سورة الفاتحة إلى سورة الكهف، ثم أكمل جلال الدين المحلي ما تبقى بداية من سورة الكهف إلى آخر القرآن الكريم.

نهل أيضًا السيوطي العلم من فيض علماء أجلاء أمثال قاضي القضاة عز الدين الكناني، وعبد العزيز بن محمد الميقاتي وسيف الدين بن قطلوبغا، والحق أن جُلَّ استفادته في هذه الفترة كانت من شيخه تقي الدين الشُمني الذي قال عنه في كتابه “بغية الوعاة” إنه بمثابة والده، وإنه كان يتعلم منه كل يوم شيئًا جديدًا، وقد أولى السيوطي علم الحديث اهتمامًا كبيرًا، فكان يكتب الأحاديث التي يسمعها من مشايخه من علماء الحديث، إن عددهم كبير، وقد ذكر ترجمة 195 عالمًا منهم في كتابه المعروف بـ”المنجم في المعجم”.

وما إن وصل إلى سنِّ الأربعين انزوى السيوطي وزهد في كل شيء وانقطع إلى الله بجزيرة الروضة في نهر النيل ، وعاش حياة العزلة والزهد معًا، وخصص كل وقته لكتابة المؤلفات، وبينما كان السيوطي منزويًا في عزلته، لم يأخذ أي شيء من قبيل الهدية أو الإحسان من أي أحد، (حياة الإمام جلال الدين، ص171). وقد صنَّف مؤلفاته في أربعة أصناف على النحو الآتي:

1- المجموعة القرآنية: وكتب تحت هذا العنوان الرئيسي مؤلفات عدَّة في علوم القرآن ودروس التفسير، فلا تخلو مؤلفاته من أي مسألة تخطر ببالكم من مسائل هذا العلم.

2- كتب الحديث الشريف وما يتعلق به من (متن الحديث، الشروح، الروايات، أصول الحديث، الجرح والتعديل، وبلاغة/أدب/لغة الحديث).

3- كتب في الفقه وما يتعلق به من علوم، وجعل النصيب الأكبر للفقه الشافعي.

4- في هذا النوع اهتم باللغة العربية، والطبقات والشعر والتاريخ.

مكانة  رفيعة 


يتبوأ السيوطي كذلك مكانة بارزة في مجال التصوف، حيث يرد اسمه في رسائل النور بينما يوضح الأستاذ بديع الزمان أسباب عدم وصول الأولياء العظام إلى درجة ومرتبة الصحابة الكرام قائلاً: “إن صحبة الصحابة الكرام للنبي صلى الله عليه وسلم كانت بنور النبوة، إذ كانوا يصحبونه في حالة كونه نبيًّا رسولًا؛ أما الأولياء الصالحون فإن رؤيتهم له صلى الله عليه وسلم إنما هي بعد وفاته، أي بعد انقطاع الوحي، فهي صحبة بنور الولاية، أي إن تمثل الرسول صلى الله عليه وسلم وظهوره لنظرهم إنما هو من حيث الولاية الأحمدية، وليس باعتبار النبوة. فلا يستطيع أن يرقى أعظم ولي من أولياء الله الصالحين الى مرتبة صحابي كريم للرسول الاعظم – صلى الله عليه وسلم -، بل حتى لو تَشرف أولياء صالحون مراراً بصحبة النبي – صلى الله عليه وسلم – في الصحوة، كجلال الدين السيوطي – مثلاً – واُكرموا بلقائه يقظة في هذا العالم”.

ومن المواضع والمواقف التي ذُكر فيها اسم السيوطي أيضًا تشريفًا وتقديرًا، هو موضوع متعلق بما عُرف في الماضي بـ”الكهانة”، ويستمر إلى اليوم تحت اسم تحضير الأرواح، فيذكر الإمام بديع الزمان في “الملاحق” من رسائل النور: “إن تحضير الأرواح المتأتي من الإيغال في دقائق الفلسفة، وليس من الدين، حركة تخالف الحقيقة وتنافي الأدب اللائق والاحترام الواجب؛ لأن جلب أرواح من هم في أعلى عليين وفى المقامات السامية المقدسة إلى مائدة تحضير الأرواح، موضع الأكاذيب واللعب واللهو، في أسفل سافلين إنما هو إهانة عظيمة وعدم توقير وسوء أدب، بل الحقيقة عينها والأدب المحض والاحترام اللائق هو الاقتداء بالأفذاذ من أمثال جلال الدين السيوطي وجلال الدين الرومي والإمام الرباني والسعي للعروج إلى مراتب أولئك الأشخاص السامين والاستفاضة منهم عن طريق السمو الروحاني -بالسير والسلوك-.

لقد نال السيوطي حبَّ كل العباد كسب قلوبهم بأخلاقه النموذجية السامية ومكانته العلمية الفذَّة، فكما أنه لم يطلب من أحد مكافأة أو أجرا أو إحسانا أو هدية على ما قدم في خدمة الإسلام والمسلمين فإنه لم يقبلها أيضًا إذا عُرضت عليه، فإذا ما ضاق به الحال في بعض الآونة، باع بعض كتب مكتبته الذاخرة واقتات بثمنها مؤثرًا بذلك عن أن يقبل هدية أو ينال أجرًا من أحد، وفي عام 1505 انتقل إلى رحمة الله في مصر، ودفن خارج باب القرافة بالقاهرة.

مؤلفاته السيوطي


إن مؤلفات الإمام جلال الدين السيوطي كثيرة من ناحية اختلاف مجالاتها ومن ناحية عددها لدرجة أنه يصعب حصرها في مقالة، فسأحاول أن أذكر العناوين العريضة منها:

ألف السيوطي مئات الكتب في مختلف فروع العلم من علوم القرآن، التفسير، الحديث، الفقه، الأصول، التاريخ، الطبقات ( تعريف كتَّاب التفسير والحديث والفقه وغيرهم..)، والترجمات، الرحلات، المعاجم، النحو، البلاغة، الأدب، التصوف، الطب، .. إلخ. وقد تناول الكتاب الذين دوَّنوا ترجمات حياة الإمام السيوطي جميع كتبه بالتفصيل، ويذكر محمود شلبي أن السيوطي قد كتب قرابة ستمائة كتاب في فروع العلم المختلفة، وأنه رآها بنفسه ، وتلك بعض من أعماله البارزة:

• (الإتقان في علوم القرآن - ط)

• (إتمام الدراية لقراء النقاية - ط) كلاهما له، في علوم مختلفة،

• (الأحاديث المنيفة - خ)

• (الأرج في الفرج - ط)

• (الاذدكار في ما عقده الشعراء من الآثار - خ)

• (إسعاف المبطإ في رجال الموطأ - ط)

• (الأشباه والنظائر - ط) في العربية،

• (الأشباه والنظائر - ط) في فروع الشافعية،

• (الاقتراح - ط) في أصول النحو،

• (الإكليل في استنباط التنزيل - ط)

• (الألفاظ المعربة - خ)

• (الألفية في مصطلح الحديث - ط)

• (الألفية في النحو - ط) واسمها (الفريدة) وله شرح عليها

• (إنباه الأذكياء لحياة الأنبياء - ط) رسالة

• (بديعية وشرحها - خ) عندي

• (بغية الوعاة، في طبقات اللغويين والنحاة - ط)

• (التاج في إعراب مشكل المنهاج - خ)

• (تاريخ أسيوط)

اقرأ أيضا:

قلب المؤمن ليس كقلب غيره.. ما علامة ذلك؟

اقرأ أيضا:

"أيوب ولقمان" حكم ومواعظ من ذهب.. ماذا قالا عن كرامة الإنسان؟


الكلمات المفتاحية

الإمام جلال الدين السيوطي شهر رجب أسيوط علوم التفسير الفقه

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled هو عالم موسوعي في التفسير، والحديث، والتاريخ، واللغة، والفقه، والأدب، ويعتبر بحر كبير من بحور العلم ألَّف ما يبلغ من 650 كتابًا في فروع العلم المختلفة