جاء في الأثر أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل.. يبتلى الرجل على قدر دينه فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء".
وكان على رأس الأنبياء الذين ابتلوا نبي الله نوح عليه الصلاة والسلام.
ابتلاء نوح:
قال الصحابي عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان نوح عليه الصلاة والسلام يضرب ثم يلفّ في لبد ويلقى في بيته يرون أنه قد مات، ثم يعود ويخرج إلى قومه ويدعوهم إلى الله تعالى.
ولما أيس منهم ومن إيمانهم جاءه رجل كبير يتوكأ على عصاه ومعه ابنه، فقال لابنه: يا بني انظر إلى هذا الشيخ واعرفه ولا يغرّك.
فقال له ابنه: يا أبت مكنيّ من العصا، فأخذها من أبيه وضرب بها نوحا عليه الصلاة والسلام ضربة شج بها رأسه، وسال الدم على وجهه.
فقال: رب قد ترى ما يفعل بي عبادك، فإن يكن لك فيهم حاجة فاهدهم، وإلا فصبرني إلى أن تحكم.
فأوحى الله تعالى إليه: " وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون .. واصنع الفلك.. ".
نوح يسأل ربه عن صناعة السفينة:
قال نوح : يا رب، وما الفلك؟ قال: بيت من خشب يجري على وجه الماء أنجي فيه أهل طاعتي وأغرق أهل معصيتي.
قال: يا رب، وأين الماء؟ قال: أنا على كل شيء قدير، قال: يا رب، وأين الخشب؟
قال: اغرس الخشب، فغرس الساج عشرين سنة، وكفّ عن دعائهم فكفوا عن ضربه، إلا أنهم كانوا يستهزئون به.
فلما أدرك الشجر، أمره ربه، فقطعها وجففها، وقال: يا رب كيف أتخذ هذا البيت؟ قال: اجعله على ثلاث صور، وبعث الله له جبريل فعلمه.
وأوحى الله تعالى إليه أن عجّل بعمل السفينة، فقد اشتد غضبي على من عصاني، فلما فرغت السفينة جاء أمر الله سبحانه وتعالى بانتصار نوح ونجاته، وإهلاك قومه، وعذابهم إلا من آمن معه.
اقرأ أيضا:
لا صراع بين حقين.. لماذا يذيق الله الناس بأس بعضهم بعضًا؟ (الشعراوي يجيب)فوران التنور:
وفار التنور وظهر الماء على وجه الأرض، وقذفت السماء بأمطار كأفواه القرب، حتى عظم الماء وصارت أمواجه كالجبال، وعلا فوق أعلى جبل في الأرض أربعين ذراعا. وانتقم الله سبحانه وتعالى من الكافرين ونصر نبيه نوحا عليه الصلاة والسلام.
وفي تمام قصته وحديث السفينة كلام مبسوط لأهل التفسير فهذا مجمل صبر نوح عليه الصلاة والسلام وانتصاره على قومه.