الحب.. ذلك العلاقات الإنسانية العجيبة، التي خلقها الله في قلوب الناس، وبه يفعل ما لا يفعله أقوى الرجال، ويفك طلاسم لا يستطيع فكها جابر ابن حيان ذاته، وبه أيضًا تحدث المعجزات، لكن للأسف كثير منا يستهين به، ويتصور أنه ببعيد، وأنه في زماننا هذا لا يوجد شيء اسمه الحب.. رغم أننا لو تدبرنا قليلا لعلمنا أن كل ما يحيط بنا إنما هو الحب.. بل وأكبر معاني الحب.
أوليس الخوف عليك من كل الناس حتى لا تصاب بمكروه أو وباء، بحب؟.. أوليس أن ترى مدرس ما يخشى على تلاميذه الخطأ فيوجههم إلى الصواب بحب؟.. أوليس أن ترسل لكِ جارتكِ قطعة من الشيكولاتة التي عندها بحب؟.. أوليس أن يلتقيك صديقك بابتسامة كبيرة، ثم ما أن تسير في طريقك يدعو لك بحب؟.. إن لم يكن كل ذلك حب، فما هو الحب إذن؟.
الحب الحقيقي
قد يقول أحدهم، المقصود بالحب، هو الحب بين رجل وامرأة، بالتأكيد خلق الله الجنسين ذكر وأنثى، ليتحابا ويتزوجا، ويكون زواجهما سببًا في إعمار الأرض، فبالحب وحده يأتي الأطفال، وبالحب وحده يصون الرجل امرأته، وبالحب وحده تصون الزوجة زوجها، وتربي أولادها.. وتسهر على راحتهم..
المتتبع لسيرة خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم، سيجد أنه خير من أحب، وخير من أخلص، وخير من أوفى في حبه، فهذه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، بعد وفاتها بسنوات، يلتقي بإحدى صديقاتها أثناء فتح مكة، فيترك كل شيء، ومع هذا الفتح العظيم، إلا أنه يجلس مع هذه المرأة العجوز ويحكي معها، فلما يعود إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فتسأله عن هذه المرأة، فيقول: صديقة لخديجة كنا نتذكر الأيام الخوالي.. فأي حب هذا الذي يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، يترك كل شيء من أجل أن يتذكر زوجته الراحلة.. إنه الحب والإخلاص والوفاء الذي يندر هذه الأيام.
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟من المتحكم في الحب؟
قديمًا قالوا: من المتحكم في الحب (القلب أم العين)؟.. ورغم صعوبة الإجابة، إلا أنه بالقليل من التفكير، ستجد أن الأمر أيضًا بيد الله، قال تعالى: «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ».. إذن ليست الأزمة أن تختار بقلبك أو بعقلك، كلن الأهم أن تختار بما يرضي الله عز وجل.. قال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ «لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ».. فهل القلب له عقل ؟.. بالتأكيد.. وعقل القلب هو الخشية من الله عز وجل.. فمن وضع الله في قلبه لا يمكن إلا أن يرى بنوره، ويحب أيضًا بفضله ونوره.