حذرت دراسة حديثة من أن العمل من المنزل قد يكون له تأثير سلبي على الصحة العقلية والبدنية، لكن إجراء بعض التعديلات على مساحة العمل قد يساعد في تعظيم الفوائد المحتملة وتقليل أي سلبيات.

وأبلغ ما يقرب من 65 في المائة من الأشخاص الذين كانوا يعملون من المنزل بسبب قيود كوفيد – 19 عن مشاكل جسدية جديدة بما في ذلك "الرقبة التقنية" وآلام أسفل الظهر.

وقال نحو 74 في المائة، خلال الدراسة التي نشرتها مجلة الطب المهني والبيئي، إنهم يعانون من مشكلة صحية عقلية جديدة ، مثل القلق أو الاكتئاب.

وزادت المخاطر بين النساء وأولياء أمور الأطفال الصغار والرضع، الذين كانوا يتلاعبون بمسؤوليات العمل والحياة.

اظهار أخبار متعلقة

مزايا وعيوب العمل في المنزل 

قالت مؤلفة الدراسة، بورسين بيسريك جيربر، المدير المشارك لمركز البيئات الذكية في جامعة جنوب كاليفورنيا بلوس أنجلوس: "كان التحول إلى العمل من المنزل مفاجئًا عندما ظهر كوفيد – 19 لأول مرة، ولم يكن أحد مستعدًا حقًا".

وأضافت بيسريك جربر، وهي أيضًا أم لثلاثة أطفال وتعمل الآن من المنزل: "إنه أمر مرهق للغاية ولم تنخفض المطالب وتوقعات العمل، بالإضافة إلى أن الكثير منا يجب أن يكون أيضًا مدرسًا وأبًا".

وأشارت إلى أن "العمل من المنزل له مزايا، مثل المزيد من المرونة وعدم التنقل والمزيد من الوقت العائلي"، لافتة إلى أنه من المحتمل أن تبقى في المنزل حتى بعد انتهاء الوباء، بعد أن أصبح لدى العديد من الشركات أنظمة تسمح بذلك.

في الدراسة، سألت بيسريك جيربر وزملاؤها ما يقرب من 1000 شخص يعملون من المنزل بسبب كوفيد – 19 كيف أثر الترتيبات الجديدة على صحتهم الجسدية والعقلية.

وسألوا عن الصحة العقلية والجسدية بشكل عام، وتعمقوا في أعراض وحالات معينة. وشمل المسح العديد من المهن وتم إجراؤه خلال الأيام الأولى للوباء.

في المتوسط، يقضي العمال حوالي 1.5 ساعة إضافية يوميًا في عملهم عندما يعملون من المنزل. كما أفاد العاملون عن بعد أنهم حصلوا على نشاط بدني أقل وأكلوا أكثر مما كانوا يفعلون قبل التحول.

وقالت بيسريك جربر: "المكاتب والكراسي غير المجهزة بشكل صحيح، وفترات الجلوس الطويلة والسلوك المستقر يمكن أن تزيد من مخاطر المشاكل الجسدية".

وأضافت إن "محطة العمل الصحيحة هندسيًا - حيث يتم تثبيت قدميك بقوة على الأرض، وشاشة الكمبيوتر أقل قليلاً من مستوى عينك، من بين تعديلات أخرى - يمكن أن تساعد في تجنب آلام الرقبة والكتف وأسفل الظهر".

وتابعت مؤلفة الدراسة: "يجب على أصحاب العمل تدريب العمال على أفضل الظروف المريحة، ومن المهم أيضًا الوقوف أو التحرك كل 30 دقيقة".

وأظهرت الدراسة، أن العمال الذين لديهم مساحة خاصة بهم في المنزل يعانون من مشاكل عقلية أو جسدية أقل مقارنة بنظرائهم الذين يتشاركون مساحة.

قالت بيسريك-جربر: "إن أمكن، فإن وجود مساحة عمل مخصصة أمر مهم حقًا، ويشير للآخرين بأنك مشغول، مما يقلل من عوامل التشتيت".

في الدراسة، كان لدى ثلث المشاركين فقط مساحة مخصصة لعملهم، بينما شارك ما يقرب من 50 في المائة مساحة عملهم مع الآخرين.

مشاكل صحية جسدية وعقلية 

ووجدت الدراسة، أن الذين حددوا مواعيد عملهم مع الآخرين كانوا أكثر عرضة للإبلاغ عن مشاكل صحية جسدية أو عقلية جديدة.

من بين العوامل الأخرى التي يمكن أن تزيد الإنتاجية وتعزز الصحة الجسدية والعقلية أثناء العمل من المنزل الإضاءة الطبيعية الكافية، والتي تساعد في تنظيم دورة النوم والاستيقاظ ، كما تقول بيسريك جيربر.

وأوضحت أن "الوصول إلى الطبيعة أمر في غاية الأهمية، وإعداد مكان عملك حيث يمكنك رؤية الأشجار قد يساعد في تعويض مشاكل الصحة العقلية".

وأشارت إلى أنه في أيام ما قبل كوفيد – 19، قدم زملاء العمل الدعم الاجتماعي، وشعر العاملون عن بُعد بهذه الخسارة.

وأضافت بيسريك-جربر: "كل تلك التفاعلات مع زملاء العمل أو حتى رؤية الأشخاص في طريقهم إلى الاجتماع هي الأشياء التي تشغل بالك عن العمل وهي مهمة جدًا للصحة العقلية".

قال كورتلاند دال، عالم أبحاث في مركز العقول الصحية في جامعة ويسكونسن، إن التباعد الاجتماعي لا يعني بالضرورة العزلة".

وأضاف: "لا يزال بإمكانك الشعور بالتواصل الاجتماعي في مكالمة زوم من خلال تركيزك على ما يعجبك أو تقدره بشأن الأشخاص الذين تعمل معهم".

وأشار إلى أن "التركيز على أنفاسك أو الأشياء التي يمكنك التحكم فيها سيكون له أيضًا فوائد غير مباشرة على الصحة العقلية والبدنية عند العمل من المنزل".

وتابع دال: "رد فعلنا المفاجئ في الأوقات الصعبة هو التركيز على الأشياء التي لا نستطيع السيطرة عليها. نشعر بالعجز وتصبح دوامة الانحدار. اختر المكان الذي تضع فيه انتباهك من خلال إدراك أنفاسك في الوقت الحالي. يساعدك هذا على الحفاظ على تركيزك والحفاظ على تشتيت الانتباه".

وأشار إلى أن الموازنة بين مسؤوليات العمل والمنزل أمر صعب، خاصة عندما تعمل من المنزل".