من أغرب ما يمكن أن يلاقيه البشر، هو أن يطالبنا الله بأمر، ويحثنا نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم عليه، ثم يقال لك: الحكمة أو المثل تقول عكس ذلك.. فترى الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ» (آل عمران 159)، وهذا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يرحم الله من لا يرحم الناس».. ومع ذلك ترى بعض الناس يقول لك: (إن الناس الدبش أصحاب أطيب قلوب)، وهو ما يغاير الحقيقة تمامًا، لأنها بالأساس تخالف ما جاء به الشرع الحنيف.. فكيف الله يقول لنبيه: (لا تكن فظًا حتى لا يبتعدوا عنك)، ونحن نقول إن أصحاب القلوب الغليظة (طيبي القلوب)؟!.
أذى وتجريح
ترى البعض يحمل في أغلب كلماته تجريح وأذى للناس، ثم يقولون لك: لكن قلبه أبيض، وينسى سريعًا، وماله ألا ينسى، وهو الذي أهان الناس، وليس من أهين؟..
كيف ننسى أن الله حرم الغلظة والتجريح، ثم نجرح الناس بأشد العبارات، ألم ندري ما قاله النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط اللَّه لا يُلقي لها بالا يهوي بها في جهنم».. وانظر لمعنى: (لا يلقي لها بالا)، أي لا يتأملها بخاطره ولا يتفكر في عاقبتها ولا يظن أنها تؤثر شيئًا في غيره، ومع ذلك تكتب عند الله تجريحًا وإهانة للناس، ومن ثم يكون عاقبتها عند الله شديد.. ولما لا نكون كان عليه رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، كان لينا سهلا يبتسم في وجه الناس، فأحبه الناس حتى قبل البعثة، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه».
اقرأ أيضا:
أعاقب أطفالي بمنعهم من الأطعمة التي يحبونها.. هل تصرفي خاطيء؟(اللي في قلبي على لساني)
عزيزي المسلم، لو كنت ممن يقال عنهم إنهم (أناس دبش)، راجع نفسك جيدًا، وتوقف فقد يكون هناك بعض الكلام يجرح الناس وأنت لا تدري، وإياك أن تبرر بالمقولة الشهيرة (اللي فى قلبي على لساني)، لأنها أكبر دليل على أن ما فى قلبك (ليس بطيب)، وأن ما يخرج إنما يحمل (سوءًا)، إذن توقف عن إيذاء الناس، فالأمر جلل، وتعلم أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم: «فليقل خيرًا أو ليصمت».