نصرة النبي صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه من أهم الواجبات الشرعية عند المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لذلك أكثر ما يغضب المسلم أن يسب أحد من أصحاب الفكر الشاذ نبيهم صلى الله عليه وسلم، فهو بمثابة خط أحمر عند المسلم، وقد يفقد عقله ورشده إذا رأى ذلك، وإن ما سمعنا عنه وتكرر من الإساءة المتعمدة لمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن دلّ على شيء فإنما يدل على جهل كبير بمكانة النبي صلى الله عليه وسلم والخير العظيم الذي عرفته البشرية بأسرها على يديه.
قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157].
ويدل اتجاه بعض المحرضين على سب النبي صلى الله عليه وسلم على الحقد الدفين في قلوب بعض الموتورين الذين أعماهم الحقد والهوى عن رؤية محاسن غيرهم، أو الاعتراف بفضائل من يخالفونهم، وإنّ أثر هذه الأفعال الآثمة بالاعتداء والافتراء زورًا وبهتانًا على مقام النبي صلى الله عليه وسلم، فيه تأجيج لمشاعر البغضاء والكراهية بين المسلمين وبين غيرهم من الشعوب والأمم.
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبركيف ننصر الرسول صلى الله عليه وسلم ؟الأمة المسلمة مطالبة بنصرة نبيها والتعريف به وبيان مكانته ومنزلته وشريعته وأخلاقه صلى الله عليه وسلم، والتصدي لمثل هذه الأفعال الشائنة، من خلال الخطوات التالية:
- المتابعة والمحاسبة القانونية لأصحاب هذه الجرائم في بلادهم وعلى المستوى الدولي لهذا الجرم العظيم الذي ارتكبوه في حق قائد البشرية ومعلم الإنسانية صلى الله عليه وسلم، ومن جعله الله تعالى مخرجًا للعالم من ظلمات الشرك والجهل والخرافة والتخلف إلى نور الإيمان والعلم والهدى والرقي.
- إنكار هذه الجريمة بكل السبل المتاحة والوسائل الفعالة المؤثرة التي لا تخالف شرع الله تعالى، ولا تضر بالآخرين.
التعريف بالإسلام والتعريف بنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم؛ فالأمة مقصرة في هذا الجانب تقصيرًا كبيرًا، ولا تمتلك من الوسائل والأساليب المؤثرة ما تستطيع أن تصل به لكل أرجاء الأرض وأنحاء المعمورة، والإنسان عدو ما جهل.
- إن رد الفعل المبالَغ فيه وغير المحسوب يأتي دائمًا بنتائج عكسية وآثار سلبية، فليس من الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إزهاق الأرواح بغير حق، أو تخريب الممتلكات، أو ترويع الآمنين، أو الاعتداء على حقوق الناس.
- إن للمسلمين الذين يعيشون في ديار الغرب دورًا عظيمًا ومهمة كبيرة في التعريف بالإسلام ونبي الإسلام والقيام بحق هذا الدين؛ فالمؤسسات الإسلامية في أوربا وأمريكا في الوقت الحاضر من الكثرة ما تستطيع أن تتبنى برامج مؤثرة وأعمالاً هادفة بلغة القوم وطريقتهم ما تستطيع أن توضح به الحقائق وتظهر به جمال الإسلام ومكانة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تدع الساحة لأصحاب النفوس المريضة والقلوب السقيمة الذين ينشرون الأراجيف ويروِّجون للأكاذيب.
- علينا أن نعلم علم اليقين أن مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمى وأعلى من أن ينال منه فرد أو جماعة أو أمة من البلهاء أو السفهاء.
فمقامه صلى الله عليه وسلم مرفوع بأمر من الله تعالى، وحبّه مغروس في قلوب أمته، والألسنة تذكره بما لا يذكر به غيره من الخلق، قال الله تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4].
- إن الحبَّ الحقيقي لرسولنا صلى الله عليه وسلم إذا لامس شغاف قلوبنا حقًا وصدقًا، وأصبح حقيقة لا دعوىـ لابدَّ وحتمًا أن يصبحَ واقعًا ملموسًا نعيشه، ونلمس آثاره في أخلاقنا، وفي سلوكنا، وفي اهتماماتنا، وفي حياتنا كلِّها.
اقرأ أيضا:
فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة..لا تتنافس على الشر واكتشف سترك الحقيقي- إن هذا الحبَّ يدفعنا أولَ ما يدفعُنا إلى نصرة دين حبيبنا صلى الله عليه وسلم، وأن نبذل لأجل الدعوة إليه، والحفاظ عليه، مُهَجَنا وأرواحَنا، وشعارُنا هو كلمةُ أعظم محبٍّ وأصدق محبٍّ رضي الله عنه، يوم تعرض دين محبوبه صلى الله عليه وسلم للخطر؛ فصاح صيحتَه الخالدة: إِنَّهُ قد انقطع الوحيُ، وتَمَّ الدِّينُ، أَيَنْقُصُ وأنا حَيٌّ؟! (جامع الأصول في أحاديث الرسول).
- وما أفقه إمام دار الهجرة، وفقيه الإسلام رحمه الله، وهو يقول: «مَنِ ابتَدَعَ في الإسلام بدعةً يراها حسنة؛ فقد زعم أنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم خانَ الرّسالة، لأنَّ الله يقول: " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ" [المائدة: 3] فما لم يكن يومئذٍ دينًا، فلا يكون اليوم دينًا» (الاعتصام للشاطبي).
- نصرة النبي تأتي باتباعه صلى الله عليه وسلم في كل شئونه، والاحتكام إلى شريعته الطاهرة، والرضا بها، والتسليم التام لها، وتعظيم سنته الشريفة.
- المحبُّ الصادقُ الذي يريد نُصرةَ حبيبِه صلى الله عليه وسلم يطيعُه في نهيه عن الغلو فيه، ولا يُنزله فوقَ منزلته، التي أنزله الله إياها، ورضيها له ربُّه عزَّ وجلَّ؛ وهي أنه عبدالله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
- تعرف سنَّةَ النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى سيرته الشريفة، وأن يُعَلِّمَها أولادَه وأهلَه وزملاءه في العمل.
- التأسي بأخلاقه صلى الله عليه وسلم الكريمة وخصاله الشريفة، ليعطي صورة مشرفة لدينه ودعوته صلى الله عليه وسلم، وليَنعَمَ بالقرب منه صلى الله عليه وسلم، ويحظى بجواره يوم القيامة، تلك المنزلة العالية التي لا تُنال إلا بحسن الخلق، كما أخبر صلى الله عليه وسلم بذلك؛ فقال: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ، وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكمْ أَخْلَاقًا» (أخرجه الترمذي وصححه الألباني).
- المحبُّ الصادقُ الذي يريد نُصرةَ حبيبِه صلى الله عليه وسلم لا يَكلُّ ولا يَملُّ من ترطيب لسانه وتعطيره، بكثرة الصلاة والسلام على حبيبه صلى الله عليه وسلم في كلِّ حينٍ، ويُبَادِرُ إلى ذلك عند سماع اسمه الشريف صلى الله عليه وسلم.
- التأسي بأذكار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمع التركيز على كلمة التوحيد أعلى شعب الإيمان نعطي للتسبيح والتحميد والتكبير والحوقلة وسواها من الأذكار الواردة حقها، في أوقاتها، وبأعدادها، كما وردت في السنة.ونحفظ جوامع الذكر النبوية، ونحافظ على الأذكار الواردة عقب الصلوات، وفي الصباح والمساء، وعند الدخول والخروج، وعلى الأذكار الواردة في الاستعاذة، وعلى الأذكار غير المقيدة. يحفظ المؤمن منها ما تيسر تباعا. فقد جاءتنا من الحبيب صلى الله عليه وسلم كلمات محفوظة لكل مناسبات الحياة، ولكل منها فضيلة، ومن كل منها يسري إلينا مزيد من النور والإيمان.
- التأسي بدعواته صلى الله عليه وسلم في الأكل والشرب والعادات .ونحفظ أدعية القرآن مع الانتباه إلى مناسباتها، حتى نأخذها عن الله عز وجل، نتضرع إليه كما تضرع إليه أحبته التي واردها الحق سبحانه على لسانهم .
اقرأ أيضا:
منها سنن يوم الجمعة.. أعمال يضاعف لها الأجر وتثقل الميزان وترفع الدرجات