الموهبة قدرة استثنائية خلقها الله سبحانه وتعالى في كثير من عباده، وهي الاستعداد الفطري غير العادي لدى الفرد ، وقد تكون تلك القدرة موروثة أو مكتسبة سواء أكانت قدرة عقلية أم قدرة بدنية، إلا أن بعضنا لا يكتشف هذه الموهبة العظيمة التي كرمه بها الله سبحانه وتعالى، ولا يستغلها الاستغلال الأمثل، لذلك يؤدي سوء استغلال الموهبة والنعم التي أنعم الله بها علينا؛ إلى الهلاك .
وقد ضرب الله عز وجل المثل بهذه الآفة في فشل الإنسان في استغلال موهبته الاستغلال الأمثل، فهذا فرعون لما أعطاه الله الملك والمال؛ سخر العباد، واستعلى عليهم، واعتدى على حق الألوهية، فادعى بأنه هو ربهم الأعلى، وتأمل في حال قارون: لما أعطاه الله المال وأعطاه {... مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ... }[سورة القصص]. ثم استكبر قارون وعلا، وزعم بأن الله يحبه ويرضى عنه وإلا لما أعطاه . فبماذا عاقبه الله بعد ذلك؟.
فالتبذير والإسراف يؤدي إلى الهلاك..كما أن إنفاق الأموال في مجالات الحرام يؤدي إلى الخراب والهلاك؛ ولذلك يقول نبي من الأنبياء لقومه موبخًا:{ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ }[سورة الشعراء].
فلا يحسبن كل إنسان أن هوايته التي يبدع فيها يمكن أن تستخدم لنصرة الدين؛ فإن هناك هوايات ومواهب نشأت في ظل الجاهلية بعيداً عن الإسلام، لا مجال لأصحابها في خدمة الدين، فمثلاً ترى بعض الطاقات المهدرة في الجلوس على المقاهي طوال الليل، من قبل هواة لعب الورق والشطرنج هذه هواية ماذا تفيد الإسلام وأهله، ولو كانوا من أبطال العالم في ذلك، ولماذا تضيع هذه الطاقات في الجلوس بالساعات كلليلة للعب الكتشينة أو الطاولة والدمينو دون فائدة.
فانظر كيف أغوى الشيطان أناسًا من المسلمين أنعم الله عليهم بالصوت الجميل فاستخدموه للغناء بشكل غير أخلاقي عن طريق المهرجانات الصاخبة والعارية، بدلاً من استغلاله في قراءة القرآن، ودعوة الناس للصلاة بالأذان .
وقد حذر الله من ضياع المواهب والنعم التي أنعم بها علينا، كما أن الله سيحاسب الناس على طاقاتهم، فعلى من أنعم الله عليه بطاقة أن يستغلها لطاعة الله. من أنعم الله عليه بشخصية جذابة وقدرة على التداخل مع البشر أن يستغلها في الدخول إلى قلوب الناس وتعميرها بالإسلام.
فكـيف تكتشف موهبتك الكامنة؟
أولاً: اكتشاف ميولك
إن حبك، وميولك إلى أن تؤدي عملاً معيناً، يمكن أن يدلك على نوع الموهبة الدفينة في نفسك.
وهــذه الميول تبدأ في سن مبكرة من الطفولة. وعلى كل أسرة أن تراعي أطفالها في هذه الميول. فإذا وُجد أن الطفل لديه ميول للرسم مثلاً فشجعه ... وهكذا.
ثانياً: راقب درجة اقتناعك:
يجب أن يكون الشخص مقتنعاً فعلاً، بما يود أن يفعله، وأن يزيد معرفته به، وأن يخـوض في بحاره الآمـنـة. فإن الاقتناع يولِّد لدى الشخص طاقة نفسية، وعاطفية تكون مثل الجائزة الجميلة، لأنك سوف تدرك وتتأكد من أصالة الموهبة الكامنة.
ثالثاً: راقب درجة سرعة تعلمّك:
سرعة تعلّم الفنون في مجال موهبتك، هي علامة على قدرتك على النجاح فيه، وعلى أصالة الموهبة فيه.
لكن، لا تنسَ أن التعلّم يستمر طوال الحيــاة، بأكملهــا، حتــى لــو كان بطيئاً في بعض المجالات التي لا تجد موهبتك الكامنة، فيها.
رابعاً: ترقــب لحظة البراعة، وومضة الإتقان :
يمكنك أن تحدد مركز الـموهبـة عندك، وذلك بأن تراقب لحظة إتقانـــك، وبراعتك في التنفيـــذ.
خامساً: لاحظ مدى التنفيذ التام للإتقان:
فالتنفيذ الكامل لمرحلة من مراحل الموهبة، هو امتــداد كلّي لنشاط يحدث فـي كــل مرة تقوم فيها بهذا النشاط. وهو الدليل على وجود الموهبة.
كيــف تنـمي مــوهـبـتـك؟
أولاً: عليك بالتعلم:
فبالتعلم يكتسب عقلك قدراً محترماً ومتميزاً من المعرفة عن الموضوع الذي تحبه، ومن الخبرة فيما تميل إلى ممارسته عملياً.
ثانياً: واظب على التدريب:
أن تتدرب على إجادة تنفيذ موهبتك، وإخراجها بشكل عملي إلى الحيــاة، يعنــي أن تقـوم بالخطـوات العمليـة فـي تنفيـذ العمل الــذي يتعلـــق بالموهبــة في مجالهــا - سواء العلمي أو الفني، أو الاجتماعي - وفيــه تحــــاول أن تــقـوم بخطوات العــمل بالـطريـقـة الصحيحة، ووفــقـاً للمبادئ الأساسيــة لــه، وذلك بصفة منتظمـة، وفـي أوقـات محددة.
ثالثا: الثقة بالنفس:
تأكد أن كل شخص منا، وبدون استثناء، لديه موهبة ما، لكنها من نوع مختلف عن الآخر.
المهم، هو أن تعرف كيف تتعرف على موهبتـك، التــي منـحك إياها الله عز وجل، وأن تتوصل إلى قدراتك الطبيعية المميزة، الكامنة فتنميها.. لكي تشعر بالرضا والابتهاج وبمزيد من الثقة بنفسك. فتفيد نفسك، وتفيد مجتمعك