أنا فتاة عمري 28 سنة، منذ صغري عانيت من التنمر، والاحساس بالرفض من الجميع، وكنت أفرغ غضبي بالصراخ والصوت العالي، ودخلت الجامعة بعد إقناع أمي لوالدي، فهو لا يوافق على ذلك لبناته بعد انتهاء المرحلة الثانوية، فعليها أن تبقى بالبيت حتى تتزوج.
عندما دخلت الجامعة صارت حالتي النفسية أسوأ، سعيت إلى الحب، وتعرفت على شباب كثر، وكلهم استغلوني، أوهموني الحب وكان قصدهم الجنس، فاكتأبت وزاد وزني، وبدأت أكره نفسي، وفي هذه الأثناء تعلقت بشاب، وأحببته، وجلبت له هدايا غالية، حتى لا يتركني، واكتشفت أنه خدعني وأنه خاطب، ثم تزوج على الرغم من أنه أخبرني أنه غير قادر على الزواج، وأنا اعترف ا نبي طبع سئ وهو "التعلق الشديد بمن أحب، لذا حاولت أظل معه، لكنه تعامل معي بـ"البلوك"، وبعدها تعرفت على أكثر من شاب مرة أخرى بحثً عن الحب، وتعرفت على شاب لكنه كان أصغر مني فاضطريت أكذب عليه ووريته صورة لصديقة على أنها أنا، وأعجبته، ولأنه جاد طلب التقدم لأهلي وأسقط في يدي فأخبرته بالحقيقة، فغضب، وقرر عدم التقدم لخطبتي بسبب ما وصفه بخداعي له.
أنا ما قصدت خداعه ولا الكذب عليه، ونفسي يرجع، هل لو دعيت الله أنه يرجع سيغفر ذنوبي ويستجيب دعائي؟
الرد:
مرحبًا بك يا صديقتي..
تألمت لما تعرضت له خاصة بعد دخولك الجامعة وبحثك عن الحب، وتعرضك للاصطياد بهذا الشكل.
لو أنك تخيلت نفسك شخص قارب على الهلاك بسبب الجوع، فبالطبع أنت صيد ثمين لأي صاحب مطعم يقدم طعامًا رديئًا، لا يقبل عليه أحد، فالجائع لا يختار طعامه، ولا جودته، المهم أن يأكل من المتاح مهما كان .
وهذا هو ما حدث معك، وفي كل مرة كان عقلك يخدعك ويوهمك أنه "حب" وحتى بعد اكتشافك للخداع كل مرة، كنت تقعين المرة تلو الأخرى، للسبب نفسه، خداع عقلي، عطش شديد لإشباع احتياجات نفسية، غياب الإدراك والوعي، ومن ثم التكرار القهري للتجربة المؤلمة نفسها، وكأنك "تعودت" الألم!
المشكلة يا صديقتي ليست في الدعاء، ومغفرة الله سبحانه، ولا عودة الشاب إليك.
نعم، المشكلة في "أنت"، "نفسك"، وعيك بذاتك، علاقاتك، فهذه المرحلة المؤلمة من العلاقات المستغلة، التي تمت خلالها استباحة مشاعرك، أثرت على وعيك بمشاعرك، وتقديرك لذاتك، وشعورك بالاستحقاق، والحب لذاتك.
اقرأ أيضا:
أهلي يرفضون حبيبي.. ما المشكلة لو تزوجته رغمًا عنهم؟أنت الآن تريدين رجلًا"رفضك"، وتشعرين بالذنب تجاه كذبك عليه، ثم تعودين لتبرير الكذب، فهل هذا "منطقي" ، أو مهم، هذا كله غير مهم!
المهم، والمطلوب هو سؤالك لنفسك : لم وصلت لهذا القدر من الشعور بعدم الاستحقاق، وعدم الثقة بالنفس، وعدم تقديرها، ومن ثم الكذب؟!
نفسك، هي الشيء المهم، والمهمة الواجبة، الآن!
نعم، أهم مهامك الآن هي "مهمتك تجاه نفسك"، فأنت مسئوليتك هي نفسك، حبها، الرفق بها، تقديرها، الاهتمام بها، حمايتها من كل ما ومن يؤذيها أو يستغلها.
نفسك غير الواثقة، والتي لا تشعر بالاستحقاق، التي تعودت الاستباحة، ستظل "جاذبة" لمن يمارس معها فعل الاستباحة وعدم التقدير عاجلًا أو آجلًا، والعكس بالعكس!
لذا، شجاعتك الآن هي "التغيير" على أن يكون "حقيقيًا"، أن تصبحين النسخة الأفضل من نفسك، حتى تأتيك النسخة الأفضل، المناسبة من الرجال، الأزواج.
إغلاقك صفحة الماضي واعتبارها تجربة أرادها الله لك للتعلم وفقط، مهم، بما فيها تجربتك مع هذا الشاب الذي كذبت عليه، وترك المستقبل لله لا تنشغلي به وتقلقي بشأنه، والاهتمام بالنظر لنفسك من جديد "هنا والآن"، والتبصر بمميزاتك، وعيوبك، وقبولها جميعها، قبول نفسك مهم، فأنت بشر ولست ملاكًا، ولأن القبول لا يعني الموافقة والاستسلام، فأنت ستعملين على تغيير العيوب القابلة لذلك ما استطعت، ويمكنك الاستعانة بمتخصص مرشد/ة نفسيًا إن أردت، وعندها ستحققين المعادلة:" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، عندها ستجدين الله يعينك، ويغير حالك إلى أفضل حال، ويستجيب لدعائك إن كان خيرًا لك، فالله يعلم وأنتم لا تعلمون، وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم، وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم.
ابدئي رحلتك في التغيير يا صديقتي، ولا تترددي، ودمت بوعي وسكينة وخير.
اقرأ أيضا:
كثير النزوات العاطفية ولا أحب زوجتي وباق معها من أجل الأولاد.. ما الحل؟ اقرأ أيضا:
خطيبي يتجاوز ويلمس أجزاءً حساسة من جسدي ويغضب ويقاطعني عندما أرفض.. كيف أتصرف؟