للأسف لدينا قدرة رهيبة، لأن نتخيل أحلى وأجمل شيء في الممنوع وغير متاح .. و قدرة رهيبة نرى أسوأ شيء في المتاح !.. لكن لو نذكر أنفسنا فقط حينما كان هذا المتاح في يوم من الأيام ممنوع .. والآن أصبح عاديًا؟ .. لا يمكن أن نعطي فرصة لخيالنا لأن يسرح بنا ويوهمنا بهذه الطريقة !
هذا للأسف يحدث لأن الحقيقة .. أن شغفنا للتحدي أعلى بكثير من شغفنا بالشئ نفسه !.. وربما هذه هي سنة الحياة، حتى نظل نسعى ونقدر نتطور ونجري وراء أهداف ونصل لها، ثم نهدأ ونرى أهداف أخرى .. وهكذا
الرضا والإحباط
في المقابل، لو كل ذلك حدث دون ( رضا ) مؤكد ستسعى وأنت تعيس طوال الوقت وفي دوامة لا تنتهي .. والذي يجعلك ترضى هي فكرة المقارنة بين حقيقة مشاعرك ناحية المتاح حينما كان ممنوعًا و الآن .. وتطبق هذا على كل ممنوع تتمناه وتموت عليه ..
فهنا الرضا هو رمانة الميزان .. التي ستحجّم سعيك في الاتجاه الصح بالطريقة الصح وأنت هادئا وموزونا، في عز شغفك للتحدي وللسعي للممنوع ..
مُحبِط !
أنك كلما توصلت لشيء، ولأي هدف تهدأ وشغفك ينجلي .. لكن من المهم أن تعرف أن هذه هي تركيبتك الداخلية .. وكلنا هكذا
لسبب مهم جداً هو: أنك تعرف أن كل هدف تسعى له للدنيا .. لابد أن تعي أنه ليس هدفًا بالأساس !.. وإنما هو مجرد وسيلة توصلك إلى الهدف الأكبر .. وهو الله عز وجل..
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟الهدف الأكبر
ومن ثم فإنك حينما تنسى الهدف الأكبر .. وتتصور أن قمة شغفك وسعيك ونجاحك بالوصول لهذا الهدف الذي رسمته .. فهذا يسبب لك (لخبطة كبيرة جدا)، حينما تتفاجأ أن هذه ليست الفرحة التي كنت تتخيلها وتنتظرها.. وأن الأمر أصبح عاديًا جدًا!
هنا أنت لست كئيبًا .. أو غير راضي .. وإنما أنت طبيعي جداً .. عليك فقط ترتيب أولوياتك وأهدافك واربط كل أهدافك هذه بالهدف الأكبر ( الله ) ..
هذا سيجعلك بلاشك مستوعب هدوءك بعد تحقيقك لكل هدف .. لأنك حينها لن تصبح محور سعادتك وصولك للنتيجة فتفتُر بعدها .. وإنما سيكون السبب الرئيسى هي رحلة سعيك وإنجازك .. وستضع الدنيا كلها بأهدافها في حجمها الحقيقي .. فلن تسعد بشكل أوفر أو مبالغ فيه، وأيضًا لن تحزن بشكل أوفر أو مبالغ فيه.
وهنا هو الأهم من كل شيء وهو : (هتعيش مطمئن ).. فقط أن تجعل مبدأك في الحياة قوله تعالى: « قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ».