للشجاعة مقاييس ورتب، وقد كان الإمام علي رضي الله عنه فارس العرب والإسلام، ولكنه كان له منظر آخر في تقييم الشجاعة.
وقال الإمام علي رضي الله عنه: أيها الناس أخبروني من أشجع الناس؟
قالوا: أنت يا أمير المؤمنين. قال: أما إني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع الناس.
قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر. إنه لا كان يوم بدر جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا.
فقلنا: من يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يهوي إليه أحد من المشركين؟ فوالله ما دنا منه أحد إلا أبوبكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه؛ فهذا أشجع الناس.
شجاعة عمر:
وقال أيضا الإمام علي رضي الله عنه قال: ما علمت أحدا هاجر إلا مختفيا إلا عمر بن الخطاب فإنه لما هم بالهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى في يده أسهما، وأتى الكعبة - وأشراف قريش بفنائها - فطاف سبعا، ثم صلى ركعتين عند المقام، ثم أتى حلقهم واحدة واحدة فقال: شاهت الوجوه، من أراد أن تثكله أمه، ويؤتم ولده، وترمل زوجته؛ فليقني وراء هذا الوادي، فما تبعه منهم أحد.
اقرأ أيضا:
سيف الله المسلول.. ما علاقة عمامته بحسم النصر في معاركه الحربية؟شجاعة علي:
عن جابر رضي الله عنه قال: دخل علي على فاطمة رضي الله عنهما يوم أحد، فقال:
أفاطم هاك السيف غير ذميم
فلست برعديد ولا بلئيم
لعمري لقد أبليت في نصر أحمد
ومرضاة رب بالعباد عليم
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن كنت أحسنت القتال فقد أحسنه سهل بن حنيف وابن الصمة».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دخل علي بن أبي طالب رضي الله عنه على فاطمة رضي الله عنها يوم أحد فقال: خذي هذا السيف غير ذميم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لئن كنت أحسنت القتال لقد أحسنه سهل بن حنيف وأبو دجانة ".
ولما كان يوم الخندق خرج عمرو بن عبد معلّما ليرى مشهده، فلما وقف هو وخيله قال له علي: يا عمرو، إنك قد كنت تعاهد الله لقريش ألا يدعوك رجل إلى خلّتين إلا اخترت إحداهما.
قال: أجل. قال فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام.
قال لا حاجة لي في ذلك، قال: فإني أدعوك إلى المبارزة. قال: لم يا ابن أخي؟ فوالله ما أحب أن أقتلك.
قال علي رضي الله عنه: ولكني - والله أ- أحب أن أقتلك. فحمي عمرو عند ذلك، وأقبل إلى علي رضي الله عنه فتنازلا، فتجاولا، فقتله علي رضي الله عنه.