الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة هي أفضل أيام الله علي الإطلاق حتي أن إجماعا بين السلف الصالح والعلماء يري أنها تتفوق علي الأيام العشر الأواخر من رمضان فضلا ومقاما وليس أدل علي فضلها غير أقسام الله بها في سورة الفجر والليالي العشر من أنها اجتمعت بها أمّهات العبادات؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وحجٍّ وغيرها، ولا يكون ذلك في غير العَشر من أيّام السنة
الله تعالي خص هذه الأيام بفضل كبير وأَفردَها عن غيرها من الأوقات، ومَيّزها عن أوقاتٍ أخرى بالعديد من الفضائل والميّزات شَحذاً للهِمَم وباعتبارها أعظم الأزمنة والأوقات والعزائم، وسَعياً إلى زيادة الأجور والحَسنات.
وللعشر الأوائل من ذي الحِجّة فضل كبير علي غيرها من أيام العام حيث أقسم الله عزّ وجلّ بها في القرآن الكريم والله تعالي لا يُقسم إلّا بشيءٍ عظيمٍ الله تعالى : "وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْر والمقصود بالليالي العَشر؛ العشر من ذي الحِجّة بحسب إجماع العلماء والفقهاء .
حيث تتضمن هذه الأيام يوم عرفة باعتباره ركن الحج الأعظم الذي تُغفَر فيه الذنوب والخطايا، وتُعتَق فيه الرِّقاب من النارومنها أيضاً يوم النَّحر لقَوْل النبيّ عليه الصلاة والسلام تُؤدّى فيها فريضة الحجّ التي تُعَدّ من أعظم الفرائض فضلا عن أنها تدليل علي فضل وبركة هذه الأيام قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِف
ويقصد بيوم القر اليوم الحادي عشر من أيام ذي الحجة، أي إنه اليوم الذي يعقب يوم النحر، أي أول أيام التشريق. وسُمي يوم القر بذلك لأن الحجاج يقرون فيه؛ أي إنهم يستقرون في منى بعد أدائهم طواف الإفاضة.
رسول الله -عليه الصلاة واسلام واصل تعدد مناقب هذه الأيام المباركة حيث قال أفضل الخلق : " بأنّها أعظم أيّام الدُّنيا إذ قال ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَمَلِ فيهنَ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ فتجتمع فيها أمهات العبادات ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميد ..
حبر الأمة عبدالله بن عباس رضي الله عنهما نقل عن النبي قوله صلي الله عليه وسلم حبر الأمة سيدنا ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه ؟قالوا : ولَا الجِهَادُ ؟ قَالَ : ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بشيء" هذا الحديث يقدم تأكيدا على أنّ العَشر من ذي الحِجّة أفضل أيّام السنة، وأنّ العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله من العمل في غيرها من أيّام السنة
رسول الله صلي الله عليه أرشد في هديه الشريف إلي ثلاثة عشر عملا مُستحبًا في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة لكي نفوز بفضلها ، أوصانا بها النبي –صلى الله عليه وسلم-، وهي: «الحج والعمرة، الصلاة لوقتها، الصدقة، بر لوالدين، صلة الأرحام، التوبة والاستغفار، قراءة القرآن، الأضحية ، كثرة الذكر، التهليل والتكبير والتحميد، الصوم، الدعاء يوم عرفة».
وفي هذه الأيام يستحب الإكثار من الذكر في العشر من ذي الحجة، كما قال الله تعالى: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ» الآية 28 من سورة الحج، منوهُا بأن من الأعمال كذلك التهليل والتكبير والتحميد، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ» رواه الإمام أحمد.
ومن مناقب شهر ذي الحجة كذلك أن رسول الله داوم داوم عند رؤية هلال الشهور العربية علي ترديد دعاء مخاطبا فيه ربه إذ كان النبي - إِذا رأى الهِلالَ قال: «اللَّهُمَّ أَهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالإِسْلَامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ» رواه الترمذي وحسنه).
ويستحب عند رؤية هلال شهر ذي الحجة أو أي شهر آخر ، أن نقول دعاء رؤية الهلال، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إِذا رأى الهِلالَ، قال: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ»]).
الدعاء الذي كان يردده النبي كان ينطلق من فهم نبوي لذات الله وفي خضوع كل المخلوقات لعباداته والتسبيح بحمده ، حيث قال تعالى: «وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ» [الإسراء من الآية:44]؛ ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشعر ذلك جيدًا؛ ومن ثَمَّ نجده في بعض الأحاديث يُخاطب هذه المخلوقات غير العاقلة، ويخبرها أنه صلى الله عليه وسلم والمؤمنون يعبدون الله عز وجل معها، وكان من هذه المخاطبة ما يفعله مع الهلال في أول كل شهر هجري (قمري)، كما في الحديث الذي معنا.
أما قوله صلي الله عليه وسلم : «أَهِلَّهُ» أي: أطلعه علينا، وأرنا إياه؛ والمعنى: اجعل رؤيتنا له مقترنًا بالأمن والإيمان، وقوله: «بِالْأَمْنِ» أي: مقترنًا بالأمن من الآفات والمصائب، وقوله: «وَالْإِيمَانِ» أي: بثبات الإيمان فيه، وقوله: «وَالسَّلَامَةِ» أي: السلامة عن آفات الدنيا والدين. قوله: «رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ»: خطاب للهلال الذي استهل، وهذه إشارة إلى تنزيه الخالق أن يشاركه شيء فيما خلق.
من السنن التي حرص الرسول علي أدائها صلاة العيد فهي سنة مؤكدة ناهيك أداء مختلف الأعمال الصالحة من الصدقات، وقراءة القرآن وإكرام الضيف، وصِلَة الرَّحِم، وحِفظ اللسان، وبِرّ الوالدين والدعاء لهما، والحرص على صلاة السُّنَن الرواتب، وإدخال السرور على قلوب الآخرين، وغير ذلك من الأعمال الصالحة في الأيام المباركة .