تقول الحكمة: «إنه من كمال النضج، أن تتجنب الجدل، وتشتري بالصمت راحة بالك».. وما ذلك إلا لأن الجدل يضيع الوقت والجهد، وربما يصل بصاحبه لحد العداء المباشر، وفي النهاية ما الفائدة من كل ذلك؟.. لا شيء سوى اكتساب عداوات جديدة..
لذلك كانت أحد أهم وعود النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لأمته أنه زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك الجدال ولو كان محقًا، فقال صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا»، خصوصًا لو كان المجادل يريد بمن أمامه أن يستفزه ويخرجه عن تركيزه فيخرج أسوأ ما فيه، وللأسف كثر هؤلاء بين الناس في هذا الزمان.
جدال (فارغ)
الجدال، هو الدخول في معركة ربما لا تحسم قريبًا، لكن نتيجتها معروفة مسبقًا وهي العداوة والبغضاء بين الناس، لذا ابتعد راحة لبدنك وعقلك، ودرءًا لأي عداوات أنت في غنى عنها، قد يقول أحدهم، إني أدعو إلى الله، ولكن يسوقني الكلام إلى الجدال، ومن ثم الغضب.. بالأساس الدعوة إلى الله إن لم تكن بالحسنى فلا سبيل لها ولا حاجة للناس بها.
قال الله تعالى: « ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ».
إذن ليس هناك أي تبرير على دخول المرء في جدال عقيم تحت أي مسمى، حتى لو كان الدعوة إلى الله عز وجل، لأنه نهى عن ذلك، واشترط أن تكون الدعوة إليه بالحسنى وفقط.
اقرأ أيضا:
بشريات كثيرة لمن مات له طفل صغير.. تعرف عليهالماذا الجدال؟
بالأساس لماذا الجدال؟.. وإلى طريق سيوصلك؟.. إياك أن تقنع نفسك بأنك صاحب حق، ولذلك عليك الاستمرار في الجدال لتبيان وجهة نظرك التي على حق كما تراها أنت وفقط.. فإذا كان الله عز وجل نهى عن الجدال مع غير المسلمين، حتى لا يصل الأمر ويتطور لحد العداء المباشر، أو أن يطغي أحدهم ويسب الله عدوًا بغير علم، فلنحذر من ذلك جميعًا.
قال تعالى موضحًا ذلك: «وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ»، لذلك نهى مجادلة أهل الكتاب حيث قال: «وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزلَ إِلَيْنَا وَأُنزلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ».