أن يراك أحدهم بشكل صحيح.. ويقيمك بشكل صحيح.. ويقدرك بشكل صحيح .. هذا هو كل ما يمكن أن تكون تفتقد إليه بشدة.. وهذا هو السبب الحقيقي لعدم اتزانك النفسي..
القصة ليست أن تكون أخذت فرصتك كاملة في الظهور أو لا.. وإنما القضية أن البشر وأنت منهم كأنهم برمجوا أنفسهم لأن يروا منك ما يريدون فقط، بل ويصدقون ما يريدون تصديقه فقط.. كأنهم يشكلوك ويغيروك.. يرضوا عنك أو يرفضوك .. بنسبة كبيرة جدًا يكون الأمر حسب ( نفسه ) أهواءه .. خبراته .. أفكاره .. رغباته.. خيالاته.. تربيطاته.. أمنياته.. معاناته..
وربما بالأساس لا أحد يرى غيره.. وإنما كل شخص يرى بك ما ينقصه هو،، بل ويجبرك على أن تكمله له !.
كيف ترى من أمامك على حقيقته؟
لابد أن تبذل مجهودًا جبارًا حتى ترى من أمامك على حقيقته .. وتمنحه مساحته الحقيقية .. وأن تقيمه على طبيعته .. بواقعيته، دون أن تسبقه بحكم أو تصور أو استنتاجاتك التي من الممكن بنسبة كبيرة جدًا أن تكون مشوهة بتجارب حياتك العديدة القاسية ..
فإما تراه أكبر كثيرًا من قدره أو أقل بكثير من قدره.. وصعب جدًا ترى قدره الحقيقي!
هناك بالفعل قرارات كثيرة جدًا ستفرق معنا لو بذلنا مجهود و أعطينا أنفسنا فرصة لنرى الحقيقة كما هي.. والمفاجأة .. أنك حتى نفسك لا تراها بشكل صحيح.. ولو سألتها الآن بضعة أسئلة بسيطة جدًا .. مثل:
- يا نفسي.. ما الذي يريحك بجد ؟ ما هي طلباتك من الدنيا ؟ ماذا تريدين ممن حولك؟ لماذا بداخلك غضب أو حزن وما هو مصدره ؟ ما هي أولوياتك ؟ ما هي رغباتك ؟ ما هي قدراتك ؟.. ما هي احتياجاتك ؟ وما هي قيمتك ؟.
هنا ستجد من الصعوبة بمكان أن ترد على هذه الأسئلة.. لأننا للأسف نعيش بهذا الشكل.. بدون تخطيط أو نظام.. كأننا نعشق المجهول .. ويحركنا شعور لحظي وفقط .. ولا نفهم أو نعي من كل مشاعرنا غير شعورين .. الضحك والبكاء !
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟درس الحياة
لكننا لو أدركنا أن كل موقف في حياتنا .. كل شخص نلتقيه .. كل قرار نتخذه .. كل شعور شعرنا به .. كل فقد.. وكل عطاء .. كل لقطة حولنا .. هي درس .. هي سؤال .. هي إجابة .. هي شيء يوصلك لآخر .. كل هذا له حكمة أهمها أن تحاول أن تفهم نفسك .. وأن تفهم الناس .. والدنيا .. وأن تتعرف على خالق كل هذه الأمور وينظمها بقدر وحكمة..
حينها ستبدأ في أن تعطي لكل شئ قدره الحقيقي .. ستعرف كيف تستشعر إعجاز ربنا بأن ( كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ).. وليس أن تقدره حسب أهواءك !
أو تدري لماذا؟ .. لأنه رحم الله أمرئ عرف قدر نفسه.. من الرحمة أن تعرف قدر نفسك.. وحينها دون أن تشعر ستضع نفسك مكانتها الحقيقية .. وهنا لو تعلمت هذا الأمر ستطبقه مع الآخرين ، فستتعلم حينها كيف تكون إنسان موزون .. حقاني .. حكيم .