بقلم |
عامر عبدالحميد |
الاثنين 22 يونيو 2020 - 01:12 م
كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس خشية وبكاءً لله عز وجل، مع مزيد النعم والعناية الإلهية له من الله. يقول الصحابي عبد الله بن الشخير: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وفي صدره أزيز كأزيز كأزيز المِرْجل يعني من البكاء. وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: لقد رأيتنا وما فينا قائم يصلي إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي، وهو يبكي حتى أصبح يعني ليلته.
آية أبكت الرسول ليله أجمع:
وتقول عائشة رضي الله تعالى عنها: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلتي حتى دخل معي في لحافي، وألزق جلده بجلدي، فقال: «يا عائشة ائذني لي في ليلتي لربي» ، فقلت: إني لأحب قربك، فقام إلى ربه في البيت، فما أكثر صبّ الماء، ثم قام، فقرأ القرآن، ثم بكى، حتى رأيت دموعه قد بلغت حجره، ثم اتكأ على جنبه الأيمن، ثم وضع يده اليمنى تحت خده، ثم بكى حتى رأيت دموعه قد بلغت الأرض. قالت: فجاء بلال فآذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله أتبكي وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا، وقال: ألا أبكي وقد أنزل الله تعالى الليلة: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار إلى قوله فقنا عذاب النار؟ وويل لمن قرأ هذه الآيات ولم يتفكر فيها.
دموعه تسبق لحيته:
وعن قتادة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ: ويوم نبعث من كل أمة شهيدا الآية فاضت عيناه. وروى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما قدم وفد اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: أسمعنا بعض ما أنزل عليك، فقرأ: والصافات صفا حتى بلغ إلى قوله: "فأتبعه شهاب ثاقب"، وإن دموعه لتسبقه إلى لحيته. فقالوا له: إنا نراك تبكي، أمن خوف الذي بعثك تبكي؟ قال: «بلى، من خوف الذي بعثني أبكي، إنه بعثني على طريق مثل حد السيف، إن زغت عنه هلكت، ثم قرأ: "ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك". وما رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم مبتسما أو ضاحكا، منذ أنزلت هذه الآية: "أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون". وعن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم ارزقني عينين هطالتين، تبكيان تذرفان الدموع، وتشبعاني من خشيتك، قبل أن تكون الدموع دما، والأضراس جمرا». وتقول عائشة رضي الله تعالى عنها: قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون بعد موته، حتى رأيت دموعه تسيل على عينيه. وروى عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع أسامة بن زيد فلما دخل وجده في غاشية أهله فقال: قد قضى؟ قالوا: لا فبكى. وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال: لما جرد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة بكى، فلما رأى ما مثل به شهق. وروى عمر رضي الله تعالى عنهما قال: استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا، فالتفت فإذا هو بعمر يبكي، فقال: «يا عمر ههنا تسكب العبرات». وروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ عليّ القرآن، فقلت: يا رسول الله: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: أشتهي أن أسمعه من غيري ..فافتتح النساء حتى انتهى إلى قوله تعالى: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا الآية، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «حسبك».