أثارت عشرات الاستغاثات التي وجهها العديد من المصابين بفيروس كورونا، تفاعلاً واسعًتا بين ورواد وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن عبروا عن آلامهم نتيجة الفشل في إيجاد "كورس" العلاج للمساعدة في التخفيف من آلامهم، خاصة أدوية الجهاز التنفسي والفيتامينات والزنك، الأمر الذي شكل خطورة داهمة على حياتهم، نتيجة تخزين الكثير من الناس للأدوية دون الحاجة إليها، تحسبًا للإصابة بالمرض، فضلاً عن احتكار بعض الصيدليات لبعض هذه الأدوية ورفع أسعارها أضعافًا مضاعفة.
ووجه أحد مرضى كورونا ويدعى "أحمد ح" استغاثة عاجلة لأصدقائه بالحث عن عدد من الادوية الموصوفة في مواجهة هذا الفيروس الذي فشل العالم في اكتشاف لقاح مضاد له حتى الآن.
وقال: "أرجوكم من يمتلك هذه الأدوية فليرسلها لي بشكل عاجل حالتي تسوء وأصارع الموت ولا أجد العلاج جزاكم الله خيرا".
وفي تدوينة مماثلة قال مريض آخر يدعى "محمد ع": "الناس اللي بتخزن الأدوية واحنا بنموت مش لاقيين العلاج حرام عليكم سيبوا لنا الدواء وخليكوا أنتم بالبيت".
وأضافت في تصريحات تليفزيونية: "خدنا منهم وعود بإنتاج أدوية أكثر، وهما نفذوا ذلك بصراحة"، مناشدة المواطنين بعدم التكالب على الصيدليات وشراء الأدوية بغرض التخزين، من أجل توفيرها للمريض الذي يحتاجها.
وكانت دار الإفتاء المصرية أفتت بأنه "لا يجوز شرعًا تخزين أدوية المناعة وغيرها من الفيتامينات المدرجة ضمن بروتوكولات علاج «فيروس كوفيد-19» دون الحاجة إليها؛ تَحسُّبًا لزيادة ثمنها فيما بعد".
اقرأ أيضا:
قرية اشتهر أهلها بالبخل.. لن تتخيل ما فعلوه في المساجدوأشارت إلى أن تخزين الأدوية بهذه الطريقة فيه استغلال لضروريات الناس وقت الأزمات واشتداد عوَزهم للعلاج، وذلك لا يتنافى فقط مع معاني الرحمة والتعاون والمواساة التي نادى بها الدين الإسلامي الحنيف؛ بل فيه أيضًا دليل قاطع على شُحِّ صاحبه وتقصيره في المسئولية المجتمعية تجاه بني وطنه الحاملين لهذا الفيروس.
وشددت الدار في فتواها على أن هذا الفعل يستوجب عدم التهاون مع المحتكر في جريمته؛ بل يجب الضرب على أيدي العابثين بضرورات الناس خلال هذه الأزمة، ومن نَاحيةٍ أخرى فلولي الأمر أن يُعَزِّر المحتكر بما يراه رادعًا له عن جريمته بغرامة ماليةٍ أو بمصادرة ماله.
وأوضحت أن الشرع الشريف قد نهى عن الاحتكار وحرَّمه، ودَلَّت النصوص الشرعية على أَنَّ الاحتكار من أعظم المعاصي، فقد اشتملت الأخبار على لعن المحتكر وتَوعُّدِه بالعذاب الأخروي الشديد؛ ومن ذلك ما روى الإمام مسلم بسنده عن معمر بن عبد الله رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطئ»، وفي روايةٍ لمسلم أيضًا: «من احتكر فهو خاطئ».
واستدلت الدار كذلك في فتواها بحديث أبي هريرة رضي الله عنه: «من احتكر حكرة يريد أن يُغْلِيَ بها على المسلمين فهو خاطئ»، وكذلك حديث معقل بن يسار رضي الله عنه: «من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليُغْلِيَه عليهم فإن حقًّا على الله تبارك وتعالى أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة»، وما روى الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون».