يهرع الكثير من الناس إلى مواقع التواصل الاجتماعي، للتعبير عن غضبه ناحية أحد أصدقائه لمجرد الخلاف على أتفه الأشياء، ولو كان الخلاف على الرأي في مناقشة عادية حول قضية ثانوية مثل الحديث في الكرة، أو التعصب لهذا النادي أو ذاك، فترى أحدهم يقوم بسب وشتم صاحبه، وهو أمر أصبح مكررًا ومعتادًا بين الناس، الأمر الذي حول منصات "السوشيال ميديا" من منصات للتواصل الاجتماعي إلى التعبير عن مصائب القلوب والكراهية ونشر الأحقاد بين الناس.
ويغفل الناس عن أن الكلمة التي نكتبها على مواقع التواصل الاجتماعي تجاه أصدقائنا تلميحًا وتجريحًا فيه، تشبه الرصاصة، التي نطلقها على أنفسنا، ونخسر بها أحبائنا، خاصة وأن هذه الكلمة يراها الآلاف من المشاركين لصداقاتنا، وربما تتحول لمادة بين الناس، وربما كانت الكلمة مثل السهم الذي يفقد صاحبه، فتبحث عن صدور العشرات من الأبرياء، حيث يظن كل واحد أن الكمة ربما تكون موجهة له.
الأمر الذي يخلق العداوة بينك وبين أصدقائك، ويفتح باب الحقد عليك، خاصة وأن الكلمة التي تكتبها ستحوم بشيطانها حول الكثير من المقربون إليك، وتفتح باب الظن حولك، فتكون النتيجة هو ليس فقط خسارة صديق واحد أردت التلميح والتجريح فيه، بل العشرات من الأصدقاء الذين فتح شيطان باب الظن لهم في أنك ربما تقصدهم.
ووقتها ستجد أن الآخرين لا يجدون صحبتك أمرًا ممتعًا، لذا فهم ينفضون من حولك وينصرفون عنك سريعًا، ولا يشعرون برغبة حقيقية في التقرب منك وكسب صداقتك، وهذه هي الصورة التي عليك السعي لتغييرها، من خلال الابتعاد عن التصرفات الآتية، التي في الغالب سيكون بعضها أو كلها هو السبب في تجنب الآخرين لصداقتك.
لذلك ربما كان لديك أصدقاء في البداية، ولكنك فقدتهم بسبب فقدان البوصلة نحو الهدف الحقيقي من الدخول على مواقع التواصل في السؤال عنهم والتواصل معهم، وليس التجريح فيهم، وتصدير صورة سيئة عنك لباقي أصدقائك، بأنك لا تحفظ لمؤمن عهدا، ولا تحفظ لأصدقائك سرا.
كثير الشكوى وفاضح الأسرار
هل أنت بطبيعتك إنسان كثير الشكوى، ودائمًا ما توبخ أصدقاءك على هفواتهم أو أخطائهم في حقك بشكل قاس وأمام الآخرين، ما يسبب لهم الإحراج؟ ربما يكون هذا هو السبب إذن في خسارتك لصداقاتك التي كانت قائمة بالفعل، وعدم رغبة الآخرين بعد ذلك في أن يصبحوا أصدقاءك.
فالصديق الحقيقي هو مَن يدعم صديقه ويمدح حسن صفاته أمام الآخرين، ولا يفضحه بكشف عيوبه وأخطائه على الملأ والشكوى منه في كل وقت أمام الغرباء أو حتى المعارف. لو كسبت أصدقاء جددا فيما بعد، كن حريصا على عتابهم على انفراد، ولا تشكو منهم أو تجرحهم على الملأ.
لذلك من المجتمل أن يعتبرك أصدقاؤك السابقون غير جدير بثقتهم، بعدما اكتشفوا إفصاحك للآخرين عن أسرار ائتمنوك عليها. قد يكون ذلك قد حدث بسبب سذاجتك أو طيبتك المفرطة التي تجعلك غير قادر على فلترة حديثك والتحكم فيما يجب قوله، وما لا يصح الإفصاح عنه.
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟كيف تحافظ على أصدقائك؟
لذلك درب نفسك على التفكير أولا فيما ستقوله، حتى لا تندم عليه فيما بعد، وحتى يمكنك الاحتفاظ بأي سر يأتمنك عليه صديق، وبالتالي يعود الناس للثقة بك من جديد، وتكسب أصدقاء جددا، ولا ينفض الأصدقاء من حولك، وحتى لا يرفض الآخرون أن يتقربوا منك الآن لأنك كنت تبالغ في إرهاقهم بلومهم وتوبيخهم.
ومع الوقت يشعر الأصدقاء بعجزهم عن إرضائك أو التعامل معك بالشكل المناسب فينفضون من حولك، فلا تعلق المشانق للآخرين، فربما يكون السبب خلف الوحدة التي تعيش فيها ليس خطأ بعينه ترتكبه في التعامل مع الآخرين.