في بعض الأحيان ننزوي خجلاً من أفعالنا والتي تعد عادية جدًا، أو بمعنى آخر طبيعية، كوننا بشرًا نختلف أو نتفق في بعض الأمور لكننا في الآخر بشر كنا في الأزل، ولا نزل نخطئ ونعود ونتجمل أمام الآخرين.
هذه الأمور التي تصيبنا بالخجل هي بالفعل أمور تافهة لا تستحق أن نخجل منها أو أن نواريها عن عيون الناس، يأعرف صديقًا يشتري ملابسه من سوق المستعمل، ثم هو يبدو مفتخرًا جدًا بملابسه ولو سألته عن ثمن قميصه أو سترته الأخيرة أو في مناسبة سيخبرك بكل صدق أنها ببضع جنيهات من سوق الملابس المستعملة.
لا تكذب خجلاً
لماذا إذن الكذب بذريعة الخجل من قول حقيقة كهذه؟ الأمر بسيط جدًا! لا يستحق أن نخجل منه أو مدارته عن الناس، يحكي لي صديق أنه في آخر مرة زار فيها اليابان حيث يعمل طبيبًا بإدارة المستشفيات التقيت زملاء لي في أحد المؤتمرات من بلاد مختلفة لا يعبأون بآراء الآخرين فيهم ولا يهتمون بمدى رأى هؤلاء المتطفلين الذين قد يتنمرون على شكل الملابس أو النظارة الرخيصة الثمن أو السيارة القديمة التي توصله إلى عمله بالضبط كما تفعل السيارة الجديدة، في إحدى المرات زارني أحد هؤلاء الأطباء في بلدة بعيدة بعض الشيء عندما كان يزور القاهرة، فرأى بعض الأثاث الذي اعتبره غريبًا على ثقافته وأنه مبهرج جدًا، على أن يوضع في مقدمة البيت وأن يراه كل مقبل ومدبر بهذه الرصات العجيبة للأكواب والكؤوس التي لا أتذكر أني شربت فيها يومًا! فتواريت خجلاً أن أخبره بأن وبرغم هذا الاهتمام المبالغ فيه في طريقة الوضع وطريقة العرض أنه لا يكاد يفتح أصلاً ! خجلت للمرة الأولى من شيء في ثقافتنا العربية قد نفتخر به ونعده من أبرز العادات في الزواج ..
عندما تكون في السوبر ماركت وفي يدك طفلك وقد بدأ بالصراخ على شراء شيء ما.. فإنك تخجل من هذا .. هو طفل لا أكثر
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟هون على نفسك
عندما نكون في المواصلات والطفل يضحك أو يجري أو يغني بصوت مرتفع مثلا فإنك تخجل من نظرة الناس من حولك ... الأمر عادي هون على نفسك هذا طفل !
عندما تكونين عند صديقة وتشعرين بالجوع طفلتك أيضًا قد تشعر لكنها لا تخجل أن تقول: "ماما انا عاوزه آأكل"... لكنك تصابين بالإحراج! الأمر عادي صدقًا .. لا تخجلي من هذا ..
إننا قد نقف أمام البائع لنشتري ونستثمر خبرتنا في تقليل السعر فقط لأنه بائع فقير على أد الحال وهيوافق عشان ما بعش حاجة م الصبح وتحت وطأة الفصال سيفعل .. ثم لا نخجل من فعل هذا ... لكننا نخجل من الفصال إذا كنا في أحد تلك المولات المرموقة والمرصعة بالاضاءات في كل مكان حولنا .. نخجل أن نخبر أصحابنا بالسعر الحقيقي لهذه السترة لأننا اشتريناها بالثمن اليسير وقد لا نخجل ونحن نكذب وندعي أنها بأضعاف ما اشترينا لكي يرانا الناس أننا نرتدي أفخر الثياب وأغلى الماركات ...
ياللعجب من ثقافة الخجل مما لا يخجل وعدم الخجل مما يخجل أصلا !
بعض الأباء قد يلتقطون الصور لأطفالهم فرحين بأي انجاز أدركوه أو أي تقدم حققوه حتى لو أكمل رضاعته أو بدأ المشي مبكرًا يفتخر بأن طفله ما عاد يحتاج مساعدة أمه في استعماله الحمام !
ثم هو يخرج لنا شاب متنطعًا متحرشًا قد يفتخر به أيضًا أنه أصبح رجلا يعني ما يهموش حاجة وال عنده معزة يربطها !
وغيره وغيره كثير قد يصبح مهندسًا لصًا لا يتورع لأن يسرق في المواصفات \أو طبيبا لا يتورع عن كسب حرام من ابتزاز مريضه بأدوية لا يحتاجها ولن يستعملها فقط لأنه اتفق مع شركة الأدوية على حصته مع كل طلبية تصل للصيدلية المجاورة !
فلنتوقف ياسادة هنا لحظة لنقرر ما يجب أن نخجل منه وما يجب أن نفتخر به .