كان النبي صلى الله عليه وسلم أوسع الناس صدرا، وصبرا على حاجات الناس، حيث خضع له الجميع وشهدوا له بتمام الأخلاق، وجميل حسن المعاشرة.
جاءت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها، فقالت نسجتها بيدي لأكسوكها فخذها.
فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها فخرج إلينا وإنها لإزاره فقال الأعرابي: يا رسول الله بأبي أنت وأمي هبها لي وفي لفظ، فقال: «نعم» ، فجلس ما شاء الله في المجلس، ثم رجع فطواها فأرسل بها إليه، ثم سأله، وعلم أنه لا يرد سائلا، وقال: والله إني ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني، رجوت بركتها حين لبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت كفنه.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصنع له غيرها، فمات قبل أن تنزع.
وعن أم سنبلة قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدية، فأبى أزواجه أن يقبلنها، فأمرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذنها، ثم أقطعها واديا.
نماذج من كرمه
وقدم للنبي صلى الله عليه وسلم سبعون ألف درهم، وهو أكثر مال أتي به قط، فوضع على حصير من المسجد، ثم قام بنفسه، فما رد سائلا، حتى فرغ منه.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاجود لا مثيل له
وفي يوم حنين جاءت امرأة، فأنشدت شعرا تذكره أيام رضاعه في هوازن، فرد عليهم ما أخذ، وأعطاهم عطاء كثيرا، حتى قُوّم ما أعطاهم فكان خمسمائة ألف، قيل : كان هذا نهاية الجود الذي لم يسمع بمثله وقتها.
وعن أنس رضي الله تعالى عنه، قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين فقال: انظروا يعني صبّوه في المسجد، وكان أكثر مال أتى به صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد، ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدا إلا أعطى إلى أن جاء العباس.
فقال العباس: يا رسول الله أعطني، فإني فاديت نفسي، وفاديت عقيل بن أبي طالب.
فقال: «خذ» فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال: يا رسول الله مر بعضهم يرفعه إلي قال: «لا» ، قال: فارفعه أنت، قال: «لا أستطيع» ، ثم نثر منه، ثم ذهب يحمله فلم يستطع، فقال: يا رسول الله: مر بعضهم يرفعه علي، قال: «لا» ، قال: فارفعه أنت» ، قال: «لا» ثم نثر منه فاحتمله، فألقاه على كاهله، فانطلق.
فما زال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه بصره حتى خفي علينا، عجبا منه، فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويوجد منها درهم.
وكان أرسل به العلاء بن الحضرمي من خراج البحرين ، وهو أول مال حمل إليه.