كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الخلق استغفارا لربه عز وجل، يفعل ذلك وهو من المعصوم من كل خطأ.
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني لأستغفر الله، وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة".
وعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إني لأستغفر الله، وأتوب إليه في اليوم مائة مرة".
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اللهم إني أستغفرك ما قدمت، وما أخرت، وما أسررت، وما أعلنت، وأنت، المؤخر، وأنت على كل شيء قدير".
كما سُمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يا أيها الناس، توبوا إلى الله تعالى، فإني أتوب إليه كل يوم مائة مرة".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة: " أين أنت من الاستغفار يا حذيفة؟ إني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة، وأتوب إليه".
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاما حقيقة استغفار النبي؟
ويبقى السؤال الأول:
وقوع الاستغفار منه صلى الله عليه وسلم، وهو معصوم، والاستغفار يستدعي وقوع معصية، فما تفسير ذلك؟
وأجاب العلماء بأجوبة منها: أنه رأى الاشتغال بالأمور المباحة من أكل أو شرب أو جماع أو نوم أو راحة أو مخالطة الناس، والنظر في مصالحهم، ومحاربة عدوهم تارة، ومداراته أخرى، وتأليف المؤلفة، وغير ذلك مما يحجبه عن الاشتغال بذكر الله تعالى، والتضرع إليه، ومشاهدته، ومراقبته، ذنبا بالنسبة إلى المقام العلي.
كما أن استغفاره تشريع لأمته، أو من ذنوب لأمته، فهو كالشفاعة لهم.
كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنه ليغان على قلبي".
قيل في شرح ذلك: هو ما يستغشي القلب، ولا يغطيه كل التغطية، كالغيم الرقيق الذي لا يمنع ضوء الشمس، ثم لا يفهم من الحديث أنه يغان على قلبه مائة مرة، وإنما هذا عدد الاستغفار لا الغين، فيكون المراد بهذا الغين الإشارة إلى غفلات قلبه، وفترات نفسه، وسهوها عن مداومة الذكر، ومشاهدة الحق، لما كان صلى الله عليه وسلم من مقامات البشر، وسياسة الأمة، ومعاناة الأهل، ومقاومة الولي والعدو، ومصلحة النفس، وأعباء الرسالة، وحمل الأمانة، وهو في هذا كله في طاعة ربه، وعبادة خالقه.
لما كان صلى الله عليه وسلم أرفع الخلق عند الله تعالى مكانة، وأعلاهم درجة، وأتمهم به معرفة، وكانت حالة عند خلوص قلبه، وخلو همه، وتفرده بربه أرفع حاليه، رأى حاله فترته عنها، وشغله بسواها، غمضا من علي حاله، ورفيع مقامه، فاستغفر من ذلك.